الحكم ، وكان نوع الحكم موقوفاً على باب معيّن من أبواب الفقه فقط ، إذن فهذا أيضاً يذكر في ذلك الباب ، ويصبح - بحسب الحقيقة - من أصول ذلك الباب ، لا من أصول الفقه كلّه ، فأصول الفقه شيء ، وأصول كتاب الطهارة شيءٌ آخر ، فهنا يصبح من أصول كتاب الطهارة أو من أصول كتاب الضمان مثلاً ، لا من أصول الفقه بتمامه » [1] . ملاحظتان لعلّ هذا الضابط الذي تبنّاه الأستاذ الشهيد هو أفضل ما ذكر في كلمات الأعلام لبيان ماهيّة المسألة الأصولية . لكن يمكن ذكر ملاحظتين بإزاء هذا التحقيق : الأولى : اتّضح أنّ من خصائص المسألة الأصولية ، كونها عنصراً مشتركاً في عمليات الاستدلال الفقهي خاصّة . بناءً على ذلك يمكن أن ينتقض هذا الضابط بأهمّ مسألتين أصوليّتين ; هما حجّية الظهور وحجّية خبر الثقة ، لأنّهما غير مختصّين بالاستدلال الفقهي ، بل يمكن الاعتماد عليهما في أبحاث أخرى غير الفقه . فإنّ حجّية الظهور يمكن الاعتماد عليها في فهم القرآن الكريم في غير الأُمور الفقهيّة أيضاً ، وكذلك حجّية خبر الثقة ، فإنّها قد يعتمد عليها في مجالات من المعارف الدينيّة غير الفقه . ومع الالتزام بقيد « خاصّة » تخرج هاتان المسألتان الأساسيّتان عن حريم المسائل الأصولية . لا يقال : إنّ الحجّية في علم الأصول لا يعنى بها إلاّ المنجّزية والمعذّرية ، وهما من مختصّات الأحكام الفقهيّة ، كما هو واضح .
[1] تمهيد في مباحث الدليل اللفظي ، مصدر سابق : ج 1 ص 56 .