ثمّ إنّ استدلال المحقّق النائيني على الاقتضاء ليس له محصّل ؛ « إذ لا معنى لتعليل كون العلم الإجمالي علّة لحرمة المخالفة ومقتضياً لوجوب الموافقة بأنّ الترخيص هناك في معصية وهنا ليس فيها ، إذ المقصود بالمعصية ينبغي أن يكون حكم العقل بكون المخالفة منافية لحقّ طاعة المولى . وحكم العقل بأنّها منافية أوّلاً ، فرع بحث العلّية والاقتضاء ؛ فلا معنى للبرهنة على العلّية وعدمها بذلك » [1] . إلاّ أنّ المحقّق النائيني أورد نقضاً على القول بالعلّية ، حاصله : إنّ غاية ما يمكن التمسّك به للقول بالعلّية هو الاستناد إلى قاعدة الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ، إلاّ أنّ الفراغ اليقيني لا يشترط فيه أن يحصل بأمر يقينيّ وجدانيّ بل يكفي فيه أن يكون يقينياً ولو تعبّداً ، كما هو الحال في قاعدة الفراغ والتجاوز ، فإنّ الاشتغال فيها يقينيّ لكن الفراغ تعبّديّ . وعليه فاليقين التعبّدي لو كان مفرغاً للذمّة على مستوى العلم التفصيلي ، فبالأَولى أن يكون كذلك في العلم الإجمالي . وأمّا كيفية حصول اليقين التعبّدي فببيان : أنّ الشارع لو رخّص في أحد أطراف العلم الإجمالي مثلاً ، فإنّ المدلول الالتزامي لهذا الترخيص هو حرمة الطرف الآخر ؛ لئلاّ يبقى المعلوم بالإجمال بلا امتثال . وهذا هو معنى جعل البدل ، أي أنّ إجراء الأصل المرخّص في أحد الطرفين يدلّ التزاماً على جعل الطرف الآخر بدلاً من المعلوم بالعلم الإجمالي . وأجاب المحقّق العراقي على ذلك : أوّلاً : إنّ جعل الطرف الآخر بدلاً من المعلوم إجمالاً إمّا أن يكون مستفاداً من نفس مؤدّى الأصل ، أو مستفاداً من دليل الأصل . وعلى