الحكم الشرعي [1] . وأمّا جوابه قدّس سرّه عن النقضين المذكورين فهو : « الظاهر عدم ورود هذين النقضين على المحدّثين ، وذلك لأنّهم ليسوا بصدد إنكار كاشفية الدليل العقلي جملة وتفصيلاً بل خصوص الأدلّة العقلية ذات الطابع النظري التجريدي المستعمل في علمي الكلام والفلسفة والأصول أحياناً ، أي ينكرون العقل النظري القبلي - قبل التجربة والحس وبقطع النظر عنه - ومثل هذا العقل لا يحتاج إليه لا في إثبات أُصول الدين ولا في الاستدلالات الفقهية . أمّا في الأوّل فلما ذكرناه في مقدّمة الفتاوى الواضحة من أنّ قضايا أُصول الدين والعقيدة ثبوتها لدينا كثبوت القضايا العرفية والتجريبية في الوضوح والحقّانية ؛ لأنّها تملك رصيداً من الدليل الحسّي والاستقرائي على حدّ سائر القضايا الاستقرائية التجريبية ، وإن كان يمكن الاستدلال عليها بالأدلّة العقلية النظرية أيضاً . وأمّا في الثاني فلأنّ الاستدلالات الفقهية لا تعتمد غالباً إلاّ على قضايا الظهور والدلالة والتوفيق فيما بينهما والسند ونحو ذلك ، وهي كلّها قضايا عرفية وليست بنظرية برهانية ، ولا إشكال في أنّ نسبة الخطأ فيها لا تبلغ نسبته في النظريات العقلية » [2] . ويمكن التعليق على ما ذكره قدّس سرّه : أمّا جوابه عن النقض الأوّل فيرد عليه أنّه لا يخفى على من راجع الأبحاث الكلامية ومارسها في التوحيد والنبوّة وأمثالها ، ما فيها من العمق والدقّة العلمية التي ليست في متناول الجميع . ودعوى أنّ تلك القضايا
[1] ينظر بحوث في علم الأصول ، مصدر سابق : ج 4 ص 125 . [2] بحوث في علم الأصول : ج 4 ص 126 - 127 .