في ضوء المعنيين المتقدّمين لليقين لا بدّ من معرفة المراد من اليقين في كلام النافين لحجّية الدليل العقلي . وهنا احتمالان : أحدهما : أن يكون اليقين المنطقي مفقوداً مع فرض كثرة الخطأ والاشتباه في الاستدلالات العقلية . ويرد عليه : أنّ اليقين المنطقي ينتفي مع فرض خطأ واحد فضلاً عن كثرة الخطأ والاشتباه وهذا ممّا لا ريب فيه ، لكن من قال بأنّ الأصوليين يستندون إلى الدليل العقلي لتحصيل اليقين المنطقي ؟ فقد صرّحوا غير مرّة بأنّ مرادهم اليقين الأصولي لا البرهاني المنطقي . قال الشهيد الصدر قدّس سرّه : « وأمّا اليقين بالمعنى المنطقي البرهاني فلو كان مدّعى المحدّث زواله بالوقوف على الأخطاء فهذه الدعوى لو تمّت فهو لا يضرّ بنا في المقام لأنّ موضوع الحجّية هو اليقين الأصولي لا ما يسمّيه المنطقي باليقين أو البرهان » [1] . ثانيهما : أن يكون المراد من اليقين المنفي بسبب كثرة الخطأ والاشتباه هو اليقين الأصولي . وفي هذا الصدد وجد نقضان : 1 . النقض بأُصول الدين . فإنّ الأدلّة العقلية التي تستعمل في إثباتها لا تخلو من الخطأ والاختلاف ، وعليه ينبغي إغلاق باب الدليل العقلي في أُصول الدين أيضاً ، ومعه لا يبقى لدينا طريق إلى شرع أو شريعة لكي يُحتكم إليها ! 2 . النقض بالاستدلالات الفقهية ؛ فإنّ جملة منها تعتمد على أدلّة وبراهين يكثر فيها الخطأ والاشتباه ، كما لا يخفى الاختلاف الواقع في كلمات الفقهاء واستدلالاتهم ، ومن هنا كان المذهب الصحيح هو