الذي وقع موضوعاً للبحث في مسألة حجّية القطع . أمّا اليقين المنطقي فهو خصوص اليقين الناتج من مقدّمات برهانية . ونعني بالمقدّمة البرهانية ، المقدّمة التي تستند إلى قياس بديهيّ الانتاج من حيث الشكل والهيئة ، وبديهي التصديق أو ما يرجع إلى بديهيّ من حيث المادّة . ويشترط في المادّة المنتجة لهذا اليقين كونها من المقدّمات ضرورية الصدق ، ودائمة الصدق بحسب الأزمان وكونها كلّية في الصدق بحسب الأحوال ، وأن تكون ذاتية المحمول للموضوع . ومع تحقّق هذه الأمور ستكون هناك نتيجة يقينية يجزم فيها بثبوت المحمول للموضوع ، ويجزم أيضاً باستحالة انفكاك المحمول عن الموضوع . فاليقين المنطقي مركّب من علمين هما العلم بقضيّة معيّنة ، والعلم بأنّ من المستحيل أن لا تكون القضية بالشكل الذي عُلم . وما لم ينضمّ العلم الثاني إلى العلم الأوّل ، لا يعتبر يقيناً في منطق البرهان [1] ، وبذلك فاليقين الأرسطي لا يكون إلاّ مطابقاً للواقع ، بخلاف اليقين بالمعنى الأصولي فإنّه لا يشترط فيه ذلك . فإن قيل : إنّ الأدلّة العقلية والبراهين الفلسفية كثيراً ما تكون غير مطابقة للواقع بالرغم من أنّها متيقّنة بالمعنى الأرسطي ؟ قلنا : إنّ المقدّمات البرهانية إنّما تكون منتجة لليقين المنطقي فيما لو تحقّقت بجميع شروطها ، أي بشرط صحّة المقدّمات مادّة وشكلاً . فلو ظهر عدم مطابقة النتيجة للواقع ، فإنّ ما فرض برهاناً ، لم يكن كذلك .
[1] الأسس المنطقية للاستقراء ، تأليف آية الله العظمى الإمام الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر قدّس سرّه ، المؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدر قدّس سرّه ، 1424 ه : ص 411 .