الاتجاه الأوّل : القصور في عالم الجعل يقرّر هذا الاتّجاه بأنّ عدم حجّية الدليل العقلي راجع إلى القصور في عالم جعل الحكم الشرعي ، وهذا يعني أنّ الشارع إنّما ألزم المكلّفين في خصوص الأحكام الشرعية الواصلة عن طريق المعصوم عليه السلام دون غيره من الطرق ، ولو فرض وصول الحكم الشرعي من طريق آخر غير ما بيّنه الشارع فهو فاقد للحجّية . ويعبّر عن ذلك بالقصور في عالم الجعل ، لأنّ الأحكام إنّما جعلت على المكلّف فيما لو وصلت إليه عن طريق خاصّ ، لا أنّ المجعول هو الأحكام الشرعية ومن أيّ طريق وصلت . وقد استند أصحاب هذا الاتّجاه على ما ذكروه من التوجيه ، إلى جملة من الروايات التي يمكن أن تدلّ على هذا المعنى ، كقول الصادق عليه السلام : « أما إنّه شرّ عليكم أن تقولوا بشيء ما لم تسمعوه منّا » [1] . وقول الباقر عليه السلام : « مَن دان الله بغير سماع من صادق ، ألزمه الله التيه يوم القيامة » [2] . ولبيان هذا الاتّجاه وتصوير معقوليته وجدت في كلمات الأعلام عدّة أنحاء لذلك . النحو الأوّل : مبنيّ على التمييز بين جعل الحكم وبين فعلية المجعول ، وأنّ العلم بالجعل يمكن أن يؤخذ شرطاً في فعلية المجعول ، وعليه يمكن أخذ العلم بالجعل عن طريق خاصّ شرطاً في فعلية المجعول ، والطريق الخاصّ ليس إلاّ السماع من المعصوم عليه السلام . فلو
[1] وسائل الشيعة ، مصدر سابق : ج 27 ص 70 ، الحديث 25 . [2] المصدر نفسه : ص 75 ، الحديث 37 .