بناءً على أنّ الكلام المتقدّم عن المحدّثين ينافي ما ثبت سابقاً من أنّ الحجّية من ذاتيات القطع ولا يمكن سلبها عنه بأيّة حال ، فقد صار أعلام الأصوليين بصدد توجيه الكلام المذكور بما يتلاءم مع حجّية القطع ؛ إذ كلامهم « بظاهره مشكل بداهة إباء العقل بعد تنجيزية حكمه بلزوم الأتباع عن تشريع خلافه لكونه من المناقضة الواضحة » [1] . لأنّهم إن أرادوا عدم جواز الركون بعد حصول القطع ، فلا يعقل ذلك في مقام اعتبار العلم من حيث الكشف ، ولو أمكن الحكم بالردع عن الدليل العقلي القطعي لأمكن الردع عن الدليل الشرعي القطعي أيضاً [2] . في ضوء ذلك وجدت اتّجاهات ثلاثة لتوجيه مقولة علمائنا المحدّثين في المقام : 1 . القصور في عالم الجعل . 2 . القصور في الكشف . 3 . القصور من حيث المنجّزية والمعذّرية .
[1] نهاية الأفكار ، مصدر سابق : ج 3 ق 1 ص 43 . [2] فرائد الأصول ، مصدر سابق : ج 1 ص 53 .