التاسع الذي يقول فيه : « مبنيٌّ على دقيقة شريفة تفطّنتُ لها بتوفيق الله تعالى وهي أنّ العلوم النظرية قسمان ، قسم ينتهي إلى مادّة هي قريبة من الحسّ ، ومنه علم الهندسة والحساب وأكثر أبواب المنطق ، وهذا القسم لا يقع فيه الاختلاف بين العلماء ، وقسم ينتهي إلى مادّة هي بعيدة عن الحسّ ومنه الحكمة الإلهية وعلم الكلام وعلم أُصول الفقه والمسائل النظرية الفقهية وبعض القواعد المذكورة في كتب المنطق ، ومن ثمّ وقع الاختلاف والمشاجرات بين الفلاسفة في الحكمة الإلهية والطبيعية وبين علماء الإسلام في أُصول الفقه والمسائل الفقهية وعلم الكلام وغير ذلك . والسبب في ذلك : أنّ القواعد المنطقية إنّما هي عاصمة من الخطأ من جهة الصورة لا من جهة المادّة ، وليست في المنطق قاعدة بها يعلم أنّ كلّ مادّة مخصوصة داخلة في أيّ قسم من الأقسام ، ومن المعلوم امتناع وضع قاعدة تكفل ذلك » . ثمّ قال : « فإن قلت : لا فرق في ذلك بين العقليات والشرعيات ، والشاهد على ذلك ما نشاهد من كثرة الاختلافات الواقعة بين أهل الشرع في أُصول الدين وفي الفروع الفقهية . قلت : إنّما نشأ ذلك من ضمّ مقدّمة عقلية باطلة بالمقدّمة النقلية الظنّية أو القطعية . إذا عرفت ما مهّدناه من الدقيقة الشريفة ، فنقول : إن تمسّكنا بكلامهم عليهم السلام فقد عصمنا من الخطأ ، وإن تمسّكنا بغيرهم لم نعصم عنه » [1] . وقد سار في هذا الاتّجاه بعض من تأخّر عنه كالمحدّث الجزائري صاحب الأنوار النعمانية على ما حكي عنه في أوائل شرح التهذيب حيث