تقدّم في مستهلّ هذا البحث أنّ الدليل العقلي المقصود في المقام هو خصوص الادراك العقلي الذي يمكن أن يستدلّ به على ثبوت حكم شرعيّ على التفصيل المتقدّم . يظهر أنّ أوّل من طرح مسألة نفي حجّية الدليل العقلي بالمعنى المتقدّم هو المحدّث الأسترآبادي في كتابه الفوائد المدنية ، ثمّ تبعه في هذا الاتّجاه بعض الأعلام من المحدّثين ؛ قال : « الفصل الثاني : في بيان انحصار مدرك ما ليس من ضروريات الدين من المسائل الشرعية أصلية كانت أو فرعية في السماع عن الصادقين عليهم السلام » [1] . فبالتأمّل في هذه العبارة يظهر أنّه بصدد نفي حجّية الدليل العقلي في إثبات الأحكام الشرعية ، ثمّ إنّه قيّد ذلك بالسماع عن الصادقين عليهم السلام لأنّه لا يرى حجّية ظواهر القرآن الكريم في استنباط الحكم الشرعي أيضاً . ثمّ قال بعد ذلك : ولي فيه أدلّة ، وذكر عدّة أدلّة كان أبرزها الدليل
[1] الفوائد المدنية لفخر المحدّثين وقدوة المجدّدين المولى محمّد أمين الأسترآبادي المتوفّى 1033 ه ، وبذيله الشواهد المكّية للمحقّق الخبير والناقد البصير السيد نور الدين الموسوي العاملي ، تحقيق مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة ، الطبعة الأولى ، 1424 ه : ص 254 .