ويمكن مناقشة هذا الوجه : بأنّ الحكم التعليقي إمّا أن يكون مجعولاً من قبل الشارع ، أو يكون منتزعاً عقلاً من الجعل الشرعيّ ، وعلى الأوّل يكون وجه العراقي تامّاً ، فإنّ للشارع تنزيل شيء منزلة حكم من أحكامه ، إلاّ أنّه يلزم منه تعدّد الحكم الواحد ؛ ضرورة أنّ الجزء الأوّل سيكون له حكمٌ تعليقيّ إذا انضمّ إليه الجزء الآخر ، وهذا الآخر له حكمٌ تعليقيّ فيما لو انضمّ إليه الأوّل . وهذا يؤكّد أنّ الأحكام التعليقيّة ليست من مجعولات الشارع ، بل هي أمور انتزاعية من قبل العقل . ولا ريب أنّ الحكم إذا لم يكن من مجعولات الشارع ، لا يمكن التنزيل بلحاظه حينئذ ، لعدم معقوليّة تصرّف الشارع خارج دائرة أحكامه . ومنه يظهر عدم تماميّة ما ذكره العراقي في دفع محذور الدور في التنزيلين . الآخر : ما ذكره الأستاذ الشهيد : إنّه بناءً على النظرية القائلة إنّ الحكومة والتنزيل ليست إلاّ صياغات لفظية « في مقام الإثبات تكشف عن مدلول تصديقيّ هو التخصيص ، فلو نزّل الشارع مثلاً الرشد منزلة البلوغ في وجوب الحجّ مثلاً ، والبذل منزلة الاستطاعة ، فحقيقة هذا التنزيل هو حقيقة التقييد ، والتنزيل مجرّد بيان وتعبير عن القرينة المنفصلة ، ومن الواضح أنّه على هذا الأساس لا يكون التنزيل إسراءً وجعلاً للحكم وإنّما هو صياغة لبيان سعة الحكم . فتعدّد التنزيل معناه تعدّد البيان والقرائن المنفصلة في مقام تحديد ما هو موضوع الحكم الشرعي في الدليل المنزّل عليه ، فلا يبقى موضوع لأصل شبهة المحقّق الخراساني ، فضلاً عن جواب المحقّق العراقي » [1] .