إلاّ أنّ المحقّق الخراساني عدل عن هذا الكلام في الكفاية وقرّر بأنّ الوجه الذي ذكره في حاشيته على الرسائل لا يخلو من تكلّف بل تعسّف . وقبل التطرّق لبيان إشكاله في الكفاية ، لا بأس بتوضيح حقيقة التنزيل المدّعى في المقام ، فنقول : تتلخّص حقيقة التنزيل ، في تسرية حكم المنزّل عليه إلى المنزّل . ولكي تتمّ هذه التسرية لا بدّ من تحقّق موضوع المنزّل عليه ، وإلاّ لا معنى لها حينئذ . فلو كان الموضوع بسيطاً لا مركّباً ، فسوف تسري أحكامه إلى المنزّل بلا إشكال ، وأمّا إذا كان الموضوع مركّباً من جزئين أو أكثر ، فإمّا أن يتمّ تنزيل المنزّل منزلة المنزّل عليه من خلال تنزيل واحد أو لا . وعلى الأوّل فلا إشكال أيضاً ، وعلى الثاني وهو فيما إذا كان تنزيل أحد الجزئين بلحاظ آليّ ، والآخر بلحاظ استقلالي ، فمن الواضح عدم إمكان تحقّق هذين التنزيلين بلحاظ واحد . وغاية ما فعله صاحب الكفاية في حاشية الرسائل هو القول بأنّ هناك تنزيلاً واحداً وهو تنزيل مؤدّى الأمارة منزلة الواقع ، وبه يحرز الجزء الأوّل للموضوع ، أمّا الجزء الثاني فيتمّ إحرازه بالملازمة المذكورة . وبذلك يكتمل تحقّق الموضوع ، ويسري حكم المنزّل عليه إلى المنزّل . في ضوء ذلك أشكل قدّس سرّه في الكفاية على هذا الوجه ، وقد وجدت صياغتان في كلام الأعلام لهذا الإشكال : الصياغة الأولى : أفادها المحقّق النائيني وتبعه فيها جملة من الأعلام ، حاصلها : « إنّ الوجه المذكور يستلزم الدور المحال . فإنّ تنزيل المؤدّى منزلة الواقع فيما كان للعلم دخل ، لا يمكن إلاّ بعد تحقّق العلم في عرض ذلك التنزيل ، فإنّه ليس للواقع أثرٌ يصحّ بلحاظه التنزيل ، بل الأثر