3 . جواب الخراساني حاصله : إنّ أخذ القطع موضوعاً للحكم الشرعيّ يعني تركّب الموضوع من جزئين ; أحدهما : المقطوع به ، والآخر القطع ، وعليه يمكن القول إنّ دليل تنزيل المؤدّى منزلة الواقع يدلّ مطابقةً على قيام الأمارة مقام القطع الطريقي ، وبالالتزام على تنزيل القطع بالواقع التنزيلي التعبّدي الحاصل ببركة التنزيل الأوّل منزلة القطع بالواقع الحقيقي المأخوذ موضوعاً للحكم الشرعي ، وبذلك يندفع الإشكال ويتحقّق كلا جزئي الموضوع بلا استلزامه الجمع بين اللحاظين الآلي والاستقلالي ، فإنّ أدلّة الأمارات لم تتكفّل إلاّ تنزيل المؤدّى فقط ، وأمّا تنزيل العلم بالمؤدّى منزلة العلم بالواقع فهو بالملازمة بين التنزيلين [1] . لكن ما هو منشأ الملازمة المذكورة ، وكيف يبيّن وجه اللزوم فيها ؟ في هذا المجال يقرّر الشهيد الصدر أنّ وجه اللزوم يقرّب تارةً عرفيّاً - كما هو ظاهر عبارة الخراساني في الحاشية المذكورة - بدعوى أنّ العرف من باب عدم دقّة نظره ومسامحته بعد أن يرى أنّ المؤدّى واقع ، يتخيّل أنّ القطع به قطع بالواقع أيضاً ، وأخرى عقليّاً - كما ذكره المحقّق الإصفهاني - من باب الاقتضاء ؛ حيث إنّ تنزيل المؤدّى في مورد يكون فيه الواقع جزء الموضوع للحكم ، لغو لولا تنزيل لشيء آخر منزلة القطع بالواقع . والعرف بحسب مناسباته وذوقه يشخّص أنّ الأمر الآخر الدائمي الوجود والمناسب لتنزيله منزلة القطع بالواقع ، هو القطع بالواقع التنزيلي [2] .
[1] درر الفوائد في الحاشية على الفرائد : ص 31 ؛ فوائد الأصول : ج 3 ص 27 . [2] بحوث في علم الأصول : ج 4 ص 85 ؛ نهاية الدراية ، مصدر سابق : ج 3 ص 64