يُنظر لها بنظرتين ، نظرة من يريد أن يشتري المرآة ، ونظرة من يريد أن يرى صورته فيها . فالأولى نظرة استقلالية ، والثانية آلية . والقطع يمكن أن يلحظ بهذين اللحاظين ، ومن البيّن استحالة اجتماعهما في شيء واحد في الوقت نفسه ؛ إذ لحاظ القطع طريقاً لحاظ آليّ ، ولحاظه موضوعاً لحاظ استقلاليّ ، ومن المحال أن يكون دليل الحجّية مقيماً للأمارة مقام القطعين في عرض واحد . قال قدّس سرّه : « فإنّ الدليل الدالّ على إلغاء الاحتمال ، لا يكاد يكفي إلاّ بأحد التنزيلين ، حيث لا بدّ في كلّ تنزيل منهما من لحاظ المنزّل والمنزّل عليه ، ولحاظهما في أحدهما آليّ وفي الآخر استقلاليّ - بداهة أنّ النظر في حجّيته وتنزيله منزلة القطع في طريقيّته ، في الحقيقة إلى الواقع ، ومؤدّى الطريق . وفي كونه بمنزلته في دخله في الموضوع ، إلى أنفسهما - ولا يكاد يمكن الجمع بينهما » [1] . في ضوء هذا المحذور العقلي اتّجهت أبحاث الأعلام في هذه المسألة إلى التركيز على النكتة الثبوتية التي ذكرها صاحب الكفاية وهل هي تامّة ؟ وغفلوا بالكامل عن البحث الإثباتي ، مع أنّ الأخير إن لم يكن أهمّ من البحث الثبوتي فلا يقلّ أهمّيةً عنه ؛ إذ من الممكن عدم تماميّة الدليل الإثباتي حتّى مع القول بإمكان ذلك ثبوتاً ، ومن ثمّ عقد الأستاذ الشهيد البحث في المقامين . وفي هذا المجال علّق الشهيد الصدر على ما أفاده المحقّق الخراسانيّ بما يلي : 1 - إنّ القطع الطريقي وإن كان كاشفاً وطريقاً إلى الواقع ، إلاّ أنّه