فلا يعني ذلك سقوط حرمة العمل بالمقدّمات . فالإرادة هنا ليست بمعنى النيّة فقط ، بل النيّة مع تحريك الأعضاء لارتكاب المعصية ، وهذا القدر لا يدلّ على المطلوب من حرمة التجرّي شرعاً .
المجموعة السادسة : الروايات التي دلّت على أنّ الناس يحشرون على نيّاتهم يوم القيامة ، وتقريب الاستدلال بها هو أنّ المتجرّي سيّئ النيّة فيحشر عليها يوم القيامة ، ومن هذه الروايات :
عن أحمد بن محمّد بن خالد في « المحاسن » عن عليّ بن الحكم ، عن أبي عمرو السلمي ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : « إنّ الله يحشر الناس على نيّاتهم يوم القيامة . . » [1] .
من الواضح أنّ الاستدلال بهذه الروايات في المقام متوقّف على أنّ الحشر إلى النار يستلزم أن يكون الفعل في الدنيا حراماً ، فيفهم منها الدلالة على حرمة التجرّي شرعاً ، لكن كيف يفهم ذلك منها ؟ لأنّها قد تكون بصدد بيان أنّ الإنسان يُحشر يوم القيامة على هيئة وصورة خاصّة طبقاً لنواياه في الدُّنيا ، فصاحب النيّة الحسنة يُحشر بصورة تختلف عن صاحب النيّة السيّئة . فهي تريد أن تبيّن أنّ القيمة الحقيقيّة للعمل بالنيّة ، أمّا تعيين الجزاء من الجنّة أو النار فهي ليست بصدده .
المجموعة السابعة : الروايات التي أشارت إلى ثبوت العقاب على مجرّد ارتكاب مقدّمات الحرام دون عمله ، وبذلك تكون شاملة للمتجرّي لأنّه قد ارتكب مقدّمة الحرام بعزمه على المعصية وإن لم يرتكبها خارجاً ، من هذه الروايات : عن محمّد بن يعقوب ، عن أبي علي الأشعري ، عن محمّد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ،

[1] وسائل الشيعة ، مصدر سابق : ج 1 ص 48 ، الحديث 5 ؛ و ج 15 ص 42 ، حديث 2 .

291