عندما يحرّم الخمر مثلاً لا تتعلّق إرادته بإرادة العبد بعدم شرب الخمر ، وإنّما تتعلّق بتحريم الخمر واقعاً ؛ لتحقّق المفسدة الواقعية فيه لا في شيء آخر . نعم سبب جعل الحرمة إنّما لغرض إيجاد الداعي في نفس المكلّف حتّى لا يشرب الخمر . فإيجاد الداعي ليس هو متعلّق التكليف الشرعي ، بل الداعي هو الغرض المترتّب على تكليف المولى ، وأحدهما غير الآخر . بعبارة أخرى : إنّ المولى لو لم يشرّع الحرمة لم يتحقّق الداعي عند المكلّف لا أنّ التكليف هو عين إيجاد الداعي . وهذا الكلام وإن كان صحيحاً في نفسه ، إلاّ أنّه لا يبطل ما ذكره المحقّق النائيني في حرمة التجرّي شرعاً ، وذلك ببيان : أنّ ما ذكره قدّس سرّه في هذا الوجه يمكن أن يبيّن بصورة أخرى لا يحتاج معها إلى المقدّمة الثانية التي يتوجّه عليها إشكال السيّد الشهيد قدّس سرّه . ويمكن إثبات حرمة التجرّي شرعاً بالاستعانة بالمقدّمتين الأولى والثانية فقط ، بالبيان التالي : إنّنا نقبل بأن يكون متعلّق التكليف هو الفعل الخارجي لا إرادة المكلّف واختياره ، وفي ضوء ذلك نسأل : إنّ الصلاة التي يريدها المولى أن تتحقّق خارجاً من المكلّف ، أيريد تحقّقها كيفما اتّفق وبأيّ صورة حصلت ، أم يريدها من خلال إرادة واختيار المكلّف ؟ لا ريب أنّ الثاني هو الصحيح ، وحيث إنّ التكليف بغير المقدور ممتنع ، وإرادة المكلّف تتعلّق بالصلاة المقطوعة لا بالواقع ، فتكون الصلاة المقطوعة هي متعلّق التكليف ، وتحرم مخالفتها حتّى لو لم تكن ثابتة في الواقع ولا نقصد من حرمة التجرّي شرعاً إلاّ هذا المعنى ، وهو متحقّق من دون المقدّمة الثانية . وهو ما ذكره الشهيد الصدر أيضاً في دورته