تنقسم الأغراض الموجودة عند الإنسان إلى قسمين : أحدهما : الأغراض المرتبطة بشخص الإنسان ، أي أنّه يتحرّك لتحصيلها حتّى مع عدم وجود أمر من المولى بذلك ، بل يتحرّك لها حتّى مع النهي عنها ؛ لأنّ مقتضى طبعه هو تحصيلها خارجاً ، وهي تلك الأغراض التي يعتقد الإنسان أنّها في نفعه وصالحه . فالعطشان يعتقد أنّ شرب الماء يحقّق له غرضاً شخصياً لا بدّ منه ، وهو لا يحتاج لتحصيل ذلك إلى أمر مولويّ ، لأنّ ذلك من الأمور الفطرية الناشئة من حبّ الإنسان لذاته وتحصيل كمالاتها ونيل سعادتها ، وبغضه لإعدام تلك الكمالات ، وعليه فإنّ ملاك هذا القسم من الأغراض هو مطابقتها للطبع وملائمتها له . ثانيهما : الأغراض المولوية والتشريعيّة . فالمولى قد يأمر الإنسان بالجهاد في سبيل الله ، مع أنّ الجهاد قد يؤدّي إلى القتل والضرر الشخصي ، وهكذا الأمر في التكاليف الأخرى كالصوم والحجّ وغيرها ، فإنّ هذه الأمور قد تتنافر مع الطبع الإنساني ومن ثمّ سمّيت « تكاليف » ، إلاّ أنّ العقل يحكم بوجوب امتثالها من قبل المكلّف حتّى مع عدم ملاءمتها لطبعه ، وهذه هي اللابدّية العقلية في هذه الأغراض ، أي أنّ العقل يحكم بوجوب الامتثال وباستحقاق المكلّف للعقاب فيما لو خالف هذه الأوامر المولوية ، وهذه تسمّى « الأغراض التشريعيّة » . وفي كلا هذين القسمين في الأغراض لا بدّ من عدم وجود الغفلة عند الإنسان لغرض تحقيقها . وتختلف الأغراض التكوينيّة عن التشريعيّة ، فإنّ الأولى تختلف شدّةً وضعفاً بحسب أهمّيتها لدى الإنسان ، فكلّما كان الغرض أهمّ ، حرّكه