القطع للواقع تكليف بغير مقدور لا يمكن أن يتقيّد التكليف بها ، وهذا نظير الاعتراف باشتراط القدرة وعدم التكليف في موارد العجز رغم صدق عنوان الفعل فيها أيضاً وتبعية الأحكام للمصالح والمفاسد في مذهب العدلية ، فإنّ كلّ ذلك لا ينافي مع اشتراط تعلّق التكليف بالمقدور والفعل الصادر عن الاختيار » [1] . الإشكال الثالث ما ذكره السيّد الروحاني من أنّ الوجه المذكور يمكن أن يناقش بالتالي : « . . . إنّ ما ذكره من أنّ التحرّك والانبعاث والإرادة ممّا يتوقّف على العلم ، وأنّ العلم تمام الموضوع بالنسبة إليها ، غير صحيح ؛ إذ الإرادة تتحقّق في صورة الاحتمال . فالعطشان لو احتمل وجود الماء لديه تحرّك نحوه باحثاً عنه في مظانّ وجوده ، ومن أقدم على فعل مع الاحتمال وتبيّن مصادفته للواقع ، يرتّب عليه آثار الفعل الاختياري ، فلو رمى شخص شبحاً بالرصاص محتملاً أنّه إنسان كما أنّه يحتمل أن يكون شجرة ، فتبيّن أنّه إنسان وقُتل بالرصاص ، رُتّب على قتله آثار القتل الاختياري . نعم ، الإرادة تتفرّع عن الالتفات ولو لم يكن جزم ، فمع الغفلة عن شيء يستحيل التحرّك نحوه » [2] . إلاّ أنّ ما أفاده قدّس سرّه غير تامّ ; إذ هو خلط بين الأغراض الشخصية والتكوينيّة للإنسان وبين الأغراض التشريعيّه والمولويّة ، وهذا ما يحتاج إلى توضيح .
[1] بحوث في علم الأصول ، مصدر سابق : ج 4 ص 57 . [2] منتقى الأصول ، مصدر سابق : ج 4 ص 39 .