كيف وقد وقع النزاع فيه من العقلاء ؟ وكذا ليس من الحسّيات بمعنييها كما هو واضح ؛ لعدم كون الاستحقاق شاهداً ولا بنفسه من الكيفيّات النفسانية الحاضرة بنفسها للنفس . وكذا ليس من الفطريات ، إذ ليس لازمها قياس يدلّ على ثبوت النسبة . وأمّا عدم كونه من التجريبيّات والمتواترات والحدسيات ففي غاية الوضوح ، فثبت أنّ أمثال هذه القضايا غير داخلة في القضايا البرهانية ، بل من القضايا المشهورة » [1] . وفي قبال ذلك ذهب السيّد الخوئي والشهيد الصدر إلى أنّ هذه القضايا من الأمور الواقعية النفس أمرية وهي على حدّ القضايا الأوّلية ، غاية الأمر أنّ قضيتي حسن العدل وقبح الظلم من مدركات العقل العملي ، والقضايا الأوّلية كاستحالة اجتماع النقيضين من مدركات العقل النظري . قال الشهيد الصدر : « إنّ قضايا الحسن والقبح قضايا واقعية دور العقل فيها دور المدرك الكاشف على حدّ القضايا النظرية الأخرى ، غاية الأمر : أنّ هذه القضايا قضايا واقعية تحقّقها بنفسها لا بوجودها الخارجي ، نظير مقولات الإمكان والاستحالة والامتناع من مدركات العقل النظري » [2] . وبناءً على أنّ هذه القضايا من المشهورات العقلائية فلا يمكن الفصل حينئذ بين بابَي الحسن والقبح والمصلحة والمفسدة ، ومن ثمّ حاول
[1] نهاية الدراية ، مصدر سابق : ج 2 ص 42 - 43 . [2] بحوث في علم الأصول ، مصدر سابق : ج 4 ص 40 .