للعبد على المولى سبحانه وتعالى ، ومعنى ذلك أنّ العبد لو أطاع المولى وشكره فلا يستحقّ على ذلك شيئاً من المولى . وعند الرجوع إلى آيات القرآن الكريم والنصوص الواردة في هذا المجال نجد أنّ مولانا الحقيقي قد سار على أساس آخر يختلف عن الأساس الأوّل ، قال تعالى : فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ [1] وقال : كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً [2] . ومن الواضح أنّ شكر الشاكر وثوابه لا يتأتّى إلاّ على مقتضى الأساس الثاني دون الأوّل ، وهذه هي قوانين المجتمعات العقلائية . ولنقرّب ذلك بمثال واضح : لو كان هناك مولى شرعيّ يملك عبداً شرعيّاً - فهذا العبد لا يملك لنفسه شيئاً - وذهب إلى بستان المولى واقتطف وردة من إحدى رياضه وقدّمها لمولاه في الصباح ، فالأعراف العقلائية تقول بأنّ العبد المذكور يستحقّ شكراً على هذا العمل ، مع أنّ كلّ ما في البستان مضافاً إلى العبد نفسه هو ملك المولى . ولو ارتفعنا بهذه القضية إلى مستوى المولى الحقيقي تبارك وتعالى لكان الأمر أوضح وأجلى ، فإنّ ما يقدّمه الإنسان من طاعة وخضوع ليس هو فقط ملك لله عزّ وجلّ ، بل كلّ وجود العبد وقدرته وفكره له سبحانه وتعالى ، ومع ذلك نجده يقول : كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً . في ضوء هذه الحقيقة يظهر أنّ المولى الحقيقي تبارك وتعالى قد نظّم علاقاته مع عبيده حسب الأساس الثاني .