وله مدخل في أصولنا ومخرج على مذاهبنا ، لا على وجه القياس بل على طريقة يوجب علماً يجب العمل عليها ، ويسوّغ الوصول إليها من البناء على الأصل وبراءة الذمّة وغير ذلك . مع أنّ أكثر الفروع لها مدخل فيما نصّ عليه أصحابنا ، وإنّما كثر عددها عند الفقهاء لتركيبهم المسائل بعضها على بعض وتعليقها والتدقيق فيها ، حتّى أنّ كثيراً من المسائل الواضحة دقّ لضرب من الصناعة وإن كانت المسألة معلومة واضحة . وكنت على قديم الوقت وحديثه متشوّق النفس إلى عمل كتاب يشتمل على ذلك ، تتوق نفسي إليه فيقطعني عن ذلك القواطع وتشغلني الشواغل ، وتُضعف نيّتي أيضاً فيه قلّة رغبة هذه الطائفة فيه وترك عنايتهم به ، لأنّهم ألِفوا الأخبار وما رووه من صريح الألفاظ ، حتّى أنّ المسألة لو غُيّر لفظها وعُبّر عن معناها بغير اللفظ المعتاد لهم ، لعجبوا منها وقصُر فهمُهم عنها . وكنتُ عملت على قديم الوقت كتاب النهاية وذكرتُ جميع ما رواه أصحابنا في مصنّفاتهم من المسائل وفرّقوه في كتبهم ، ورتّبتُه ترتيب الفقه ، وجمعتُ من النظائر ، ورتّبتُ فيه الكتاب ما رتّبت للعلّة التي بيّنتُها هناك . ولم أتعرّض للتفريع على المسائل ولا لتعقيد الأبواب وترتيب المسائل وتعليقها والجمع بين نظائرها ، بل أوردت جميع ذلك أو أكثره بالألفاظ المنقولة حتّى لا يستوحشوا من ذلك ، وعملت بآخره مختصر جمل العقود في العبادات ، سلكت فيه طريق الإيجاز والاختصار وعقود الأبواب فيما يتعلّق بالعبادات ، ووعدت فيه أن أعمل كتاباً في الفروع خاصّة يُضاف إلى كتاب النهاية ويجتمع معه يكون كلاماً كافياً في جميع ما يحتاج فيه . ثمّ رأيت أنّ ذلك يكون مبتوراً يصعب فهمه على الناظر فيه ، لأنّ