عنها ، لكن الذي يحتاج إليه ابتداءً هو الاجتماع من حيث تألّفه من أجزاء كثيرة مختلفة المقاصد متباينة الإرادات دون الفرد من حيث إنّه فرد ، فإنّ الأفراد المجتمعين لتباين إرادتهم واختلاف مقاصدهم لا يلبثون دون أن يقع الاختلاف بينهم ، فيتغلّب كلٌّ على الآخرين في أخذ ما بأيديهم ، والتعدّي على حومة حدودهم وهضم حقوقهم ، فيقع الهرج والمرج ويصير الاجتماع الذي اتّخذوه سبيلاً إلى سعادة الحياة ذريعة إلى الشقاء والهلاك ، ويعود الدواء داءً ، ولا سبيل لرفع هذه الغائلة الطارئة ، إلاّبجعل قوّة قاهرة على سائر القوى مسيطرة على جميع الأفراد المجتمعين حتّى تعيد القوى الطاغية المستعلية إلى حاقّ الوسط ، وترفع الدانية المستهلكة إليه أيضاً ، فتتّحد جميع القوى من حيث المستوى ثمّ تضع كلّ واحدة منها في محلّها الخاصّ وتعطي كلّ ذي حقٍّ حقّه » [1] . وأمّا مولوية الحقّ سبحانه وتعالى فليس الملاك فيها هو تنظيم حياة الإنسان من الناحية الدنيوية ، بل ملاكها الحقيقي هو المالكية الوجودية والتكوينية للحقّ سبحانه وتعالى على العالم . فالعقل يدرك هذه المولوية بالاستناد إلى أنّ الله عزّ وجلّ مالكنا بالملكية الحقيقيّة والتي تعني أنّ المملوك قائم بمالكه حقيقةً ووجوداً ، وليس معناها أنّ الارتباط بينهما ارتباط اعتباريّ . قال الشهيد الصدر قدّس سرّه : « المولوية الذاتية . . وهذه مخصوصة بالله تعالى بحكم مالكيّته لنا الثابتة بملاك خالقيّته ، وهذا مطلب ندركه بقطع النظر عن مسألة شكر المنعم » [2] .
[1] الميزان في تفسير القرآن ، مصدر سابق : ج 3 ص 167 . [2] بحوث في علم الأصول ، مصدر سابق : ج 4 ص 28 .