والحقّ أن يُقال : إنّ قياس مولوية الحقّ سبحانه وتعالى على المولوية الثابتة في المجتمعات العقلائية يقتضي أن يكون ملاك المولوية فيهما واحداً ، وعند ذاك يكون قياس إحداهما على الأخرى قياساً بلا فارق ، أمّا إذا ثبت أنّ الملاك فيهما مختلف فلا يكون القياس المذكور صحيحاً ولا تجري حينئذ قاعدة حكم الأمثال فيما يجوز وما لا يجوز واحد ، ومن ثمّ لابدّ أن يستأنف البحث في بيان الملاك الذي تستند إليه كلتا المولويّتين . أمّا المولوية في المجتمعات العقلائية فواضح أنّ ملاكها هو تنظيم الحياة الاجتماعية وإدارة حياة الناس بالشكل الذي لا يلزم منه الهرج والمرج الذي يؤدّي إلى ضياع حقوق الأفراد وهدر إمكانات المجتمع الإنساني . فالشخص الذي ينتخب رئيساً بالأكثرية مثلاً لا يثبت له سوى التصرّف في إدارة الدولة وتدبير شؤونها ، وهذا هو أصل الملاك في المولويات العرفية . ثمّ إنّ الأغراض الموجودة في المجتمعات العقلائية غالباً ما تكون أغراضاً مرتبطة بالجانب الدنيوي من حياة الإنسان ، ولا تنطوي على تنظيمات مرتبطة بأغراض ما ورائية من أحكام نشأة الآخرة وعالم ما بعد الدُّنيا ، وفي هذا المجال يجدر الالتفات إلى أنّنا ننظر إلى المجتمع العقلائي في المقام بما هو مجتمع عقلائيّ لا بما أنّه متشرّع ، والأغراض الدنيوية كتنظيم المدن والعلاقات الدولية وسنّ قوانين السفر والاقتصاد ليست ذات قيمة كبيرة فيما لو قيست إلى الأغراض الأخروية التي ترتبط بالهدف الصحيح والغاية النهائية التي لابدّ للإنسان من تحقيقها في حياته الأخرى . قال السيّد الطباطبائي قدّس سرّه : « وأمّا الملك ( بالضمّ ) وهو السلطنة على الأفراد فهو أيضاً من الاعتبارات الضرورية التي لا غنى للإنسان