الاتّجاه الثاني : مسلك العلّية اختار المحقّق العراقي أنّ منجّزية العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعية إنّما هي على نحو العلّية لا الاقتضاء ، وقد خلص قدّس سرّه إلى هذه النتيجة بعد إيراد نقضين على مسلك الاقتضاء نتعرّض لهما تباعاً : النقض الأوّل : لو كان العلم الإجمالي منجّزاً لوجوب الموافقة القطعية بنحو الاقتضاء ، للزم جريان الأصول المرخّصة حتّى مع العلم التفصيلي ، بل حتّى مع الشكّ في الامتثال . والتالي باطل ، فالمقدّم مثله . أمّا بطلان التالي فواضح ؛ ضرورة أنّ الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ، حسب التحقيق . وأمّا بيان الملازمة : فإنّ الالتزام باقتضاء العلم الإجمالي لوجوب الموافقة مع إمكان جريان الأصول المرخّصة في الأطراف - لعدم العلم بها حسب مبنى النائيني - يفضي إلى رفع اليد عن قاعدة الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني في المقام والذي لا بدّ من جريانها فيه . ومع ثبوت ذلك على مستوى العلم الإجمالي فإنّه يكون جارياً أيضاً في العلم التفصيلي ؛ إذ الشكّ في التكليف بقاءً متفرّع عن العلم التفصيلي بالتكليف حدوثاً ، كما لو شكّ المكلّف في أنّ ما فعله هل كان مصداقاً للصلاة الواجبة ؟ فيحتمل أن يكون ما أتى به امتثالاً للتكليف المعلوم أو لا ، ولا فرق في هذه الحالة بين العلم التفصيلي والإجمالي ؛ فيكون مجرى لأصالة البراءة أيضاً ، مع إنّه لا إشكال عند أحد في عدم إجرائه فيه . فإن قيل : إنّ عدم جريان أصالة البراءة في المقام ليس مسبّباً عن عدم وجود المقتضي لها فيه ، بل للمانع الذي هو إمّا استصحاب عدم الإتيان بالفعل أو استصحاب بقاء الحكم بعد ثبوته بالعلم التفصيلي ، فتكون