نام کتاب : الفوائد المدنية والشواهد المكية نویسنده : السيد نور الدين العاملي جلد : 1 صفحه : 501
الفلاسفة ليس في قدرته تعالى وإيجابه - كما اشتهر بين القدماء - بل في مجرّد قدم العالم وحدوثه ، وذلك لأنّ المحقّقين من المتكلّمين وافقوا الحكماء في أنّ الشيء ما لم يجب بوجوب سابق لم يوجد وفي امتناع تخلف المعلول عمّا اقتضاه العلّة التامّة فثبت الإيجاب . وأقول : زعمهم هذا باطل ، وتحقيق المقام : أنّ الفلاسفة زعموا أنّ استناد أفعاله تعالى إلى الداعي يستلزم نقصانه ، تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً ! وذهبوا إلى أنّ الشيء ما لم يجب بوجوب سابق لم يوجد ، ففرّعوا على المقدّمتين أنّ تعلّق إرادته تعالى بأحد طرفي المعلول واجب بالنسبة إلى ذاته تعالى من غير مدخلية الداعي . ومن المعلوم : أنّه يلزمهم أن لا يكون الله تعالى متمكناً من الطرف الآخر كما في الفاعل الطبيعي . والأشاعرة وافقوا الفلاسفة في المقدّمة الأُولى دون الثانية حيث قالوا : تعلّق إرادته تعالى بأحد طرفي المعلول مستند إلى ذاته تعالى من غير أن يوجبه ، وقالوا : إنّ الله تعالى متمكّن من أن يتعلّق إرادته بالطرف الآخر ، لكنّه لم يقع . والمعتزلة وافقوا الفلاسفة في المقدّمة الثانية دون الأُولى ، حيث قالوا : تعلّق إرادته تعالى بأحد طرفي المعلول مستند إلى الداعي بطريق الوجوب . ومن المعلوم : أنّه إذا أوجب الفاعل معلوله لأجل الداعي لا يلزم عدم تمكّنه من الطرف الآخر . وملخّص الكلام : أنّ كلّ من قال بأنّه ليس في جانب المعلول حالة يكون لها مدخل في إيجاب الفاعل معلوله ، يلزمه أن يكون وجوب المعلول بالنسبة إلى ذات الفاعل ، ويستلزم هذا المعنى عدم تمكّنه من الطرف الآخر كما في الفاعل الطبيعي . وكلّ من أنكر المقدّمة القائلة بأنّ " الشيء ما لم يجب لم يوجد " خلص من أن لا يكون الفاعل متمكّناً من الطرف الآخر ، إذ لا ايجاب حينئذ . وكلّ من قال بأنّ " في جانب المعلول حالة لها مدخل في ايجاب الفاعل له " خلص من ذلك أيضاً ، لأنّه من المعلوم بديهة أنّ كلّ من أوجب معلوله لأجل الداعي فهو متمكّن من أن يتركه . وأقول : بهذا التحقيق ظهر عليك وانكشف لديك أنّ معنى قولهم : " الخلاف في القدرة بمعنى صحّة الفعل والترك " أنّ الخلاف في القدرة بمعنى تمكنه من طرفي
501
نام کتاب : الفوائد المدنية والشواهد المكية نویسنده : السيد نور الدين العاملي جلد : 1 صفحه : 501