نام کتاب : الفوائد المدنية والشواهد المكية نویسنده : السيد نور الدين العاملي جلد : 1 صفحه : 457
يكن أعلمه ولا دلّ عليه وإن لم يكن لفعله العقاب صفة زائدة على حسنه ، وهي كونه مستحقّاً ، وكذلك لا يقال في أفعال البهائم : إنّها مباحة لعدم هذين الشرطين ، ولأجل ذلك نقول : إنّ المباح يقتضي مبيحاً والمحظور يقتضي حاظراً . وقد قيل في حدّ المباح : هو إنّ لفاعله أن ينتفع به ولا يخاف ضرراً في ذلك لا عاجلا ولا آجلا ، وفي حدّ الحظر : إنّه ليس له الانتفاع به وإنّ عليه في ذلك ضرراً إمّا عاجلا أو آجلا ، وهذا يرجع إلى المعنى الّذي قلناه . فصلٌ [1] في ذكر بيان الأشياء الّتي يقال إنّها على الحظر أو الإباحة والفصل بينهما وبين غيرها والدليل على الصحيح من ذلك . أفعال المكلّف لا تخلو من أن يكون حسنة أو قبيحة ، والحسنة لا تخلو من أن يكون واجبة أو ندباً أو مباحاً ، وكلّ فعل يُعلم جهة قبحه بالعقل على التفصيل ، فلا خلاف بين أهل العلم المحصّلين في أنّه على الحظر ، وذلك نحو الظلم والكذب والعبث والجهل وما شاكل ذلك . وما يعلم جهة وجوبه على التفصيل ، فلا خلاف أيضاً أنّه على الوجوب ، وذلك نحو وجوب ردّ الوديعة وشكر المنعم والإنصاف وما شاكل ذلك . وما يعلم جهة كونه ندباً ، فلا خلاف أيضاً أنّه على الندب وذلك نحو الإحسان والتفضّل . وإنّما كان الأمر في هذه الأشياء على ما ذكرناه ، لأنّها لا يصحّ أن تتغيّر من حسن إلى قبح ومن قبح إلى حسن . واختلفوا في الأشياء الّتي يصحّ الانتفاع بها هل هي على الحظر أو على الإباحة أو على الوقف ؟ فذهب كثير من البغداديّين وطائفة من أصحابنا الإماميّة إلى أنّها على الحظر ، ووافقهم على ذلك جماعة من الفقهاء . وذهب أكثر المتكلّمين من البصريّين - وهو المحكيّ عن أبي الحسن وكثير من الفقهاء - إلى أنّها على الإباحة وهو الّذي يختاره سيّدنا المرتضى . وذهب كثير من الناس إلى أنّها على الوقف ، ويجوز كلّ واحد من الأمرين فيه وينتظر ورود السمع بواحد منهما . وهذا هو المذهب ، كان ينصره شيخنا أبو عبد الله ( رحمه الله ) وهو الّذي يقوى في نفسي . والّذي يدلّ