فإن قيل : بناءً على هذا التصوّر ، لا بدّ أن يكون هذا المرجّح ( وهو الأخذ بالرواية المجمع عليها لأنّها سنّة قطعيّة ) قبل المرجّحات الأخرى كالأعدليّة والأصدقيّة التي ذكرت في الرواية ، ومن الواضح أنّ النوبة لا تصل إلى الترجيح بالأعدليّة وغيرها إلاّ مع ثبوت الحجّية أمّا مع عدمها فلا معنى للأعدليّة والأصدقيّة وغيرها من الصفات . كان الجواب : أنّ الترجيح بالصفات ليس للرواية حتّى يتنافى مع حجّية السنّة القطعيّة ، بل هو ترجيح للحاكم . الوجه الثاني : الاستناد إلى ما ورد مرفوعاً إلى زرارة قال : سألت الباقر عليه السلام ، فقلت : جعلت فداك يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان فبأيّهما آخذ ؟ فقال : « يا زرارة خُذ بما اشتهر بين أصحابك ، ودَع الشاذّ النادر ، فقلت : يا سيّدي إنّهما معاً مشهوران مرويّان مأثوران عنكم ؟ فقال عليه السلام : خُذ بقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك . . . » [1] . لكن هذه الرواية غير تامّة سنداً ، بل إنّ الأحسائي نقلها في عوالي اللئالي عن العلاّمة ، وقد ذكر الأعلام أنّهم لم يعثروا عليها في كتب العلاّمة ، فهي من أضعف الروايات سنداً . أمّا من جهة الدلالة - على فرض تماميّة سندها - فترد عليها عدّة إشكالات : الإشكال الأوّل : ما ذكره الشيخ الأنصاري قدّس سرّه وتابعه عليه من جاء بعده من الأعلام ، وهو عدم ظهور كون المراد من الشهرة هنا هو الشهرة الفتوائيّة التي تقابل الشاذّ ، بل مقتضى الظهور أن تحمل الشهرة
[1] عوالي اللآلي ، للشيخ المحقّق محمّد بن علي الأحسائي ، المعروف بابن أبي جمهور ، تحقيق الحاج السيّد مجتبى العراقي ، ط 1 ، 1405 ه - ، ج 4 ص 133 .