عن أنّ هذا الأمر لا ريب فيه ، ويراد من عدم الريب عدمه واقعاً وحقيقة ، وعدم الريب بهذا المعنى يكون منتجاً للجزم واليقين لا محالة ، من قبيل قوله تعالى : ( رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيه ) [1] ، فهو يخبر عن أنّ هذا اليوم قطعيّ لا ريب في تحقّقه ووجوده . الاحتمال الثاني : أن يكون المراد فيه إنشاء عدم الريب لا الإخبار عنه ، ويكون المراد من نفي الريب النفي الاعتباري أو التنزيلي لا الحقيقي ، بمعنى أنّه يؤسّس الحجّية للمشهور وينفي عنه الريب والشكّ تعبّداً . الاحتمال الثالث : أن يكون المراد نفي الريب الإضافي ، بمعنى أن ينشئ نفي الريب لكنّه ليس نفياً مطلقاً ، بل ينفي الريب عن المشهور من جهة مخصوصة ، وهي حالة تعارض المشهور مع غير المشهور ، فإنّه في هذه الحالة ينفي الشارع الريب عن المشهور فقط دون جهات الريب الأخرى الموجودة فيه . كما إذا دار الأمر بين الأخذ بخبر الكاذب وخبر الكذّاب ، فعندما نقول : خُذ بخبر الكاذب ، فهذا لا يعني الأخذ بخبره مطلقاً ، بل من جهة مخصوصة وهي حالة تعارضه مع خبر الكذّاب الذي هو كثير الكذب . وعليه فالمراد حسب هذا الاحتمال هو نفي الريب الحيثي لا المطلق . ولتحليل هذه الاحتمالات ومعرفة مدى انطباقها على المقام ، لا بدّ من البحث في مقامين : المقام الأوّل : معرفة أي من هذه الاحتمالات يمكن أن يكون التعليل فيه شاملاً للشهرة الفتوائية المبحوث عن حجّيتها في المقام .