المسألة واضحة ، لوجود رواية لا إشكال في سندها ، وإنّما الكلام في دلالتها ، فأجمعوا على دلالتها مثلاً على الحكم المجمع عليه ، وهذا بخلاف ما إذا كان يحتمل لكلّ فتوى تخريج ومصبّ غير الآخر ، كما تقدّم . 3 - في التواتر لا يحتمل عادةً أن يكون بعض المخبرين قد وقع تحت تأثير المخبر الآخر ، لأنّ ذلك خلف المفروض في التواتر ، وهذا بخلاف باب الإجماع فإنّ تأثّر اللاحق بالسابق في الفتوى أمرٌ واقع كثيراً ، وقد يكون التأثّر إجماعيّاً ارتكازياً ، وهذا سوف ينقص كثيراً من قيمة احتمال مطابقة الفتوى اللاحقة للواقع مستقلاًّ عن الفتوى السابقة ، وبالتالي تتغيّر نتائج حساب الاحتمالات ، ومن هنا كلّما كانت الفتاوى أكثر عَرْضية كانت أقوى في الكاشفيّة عمّا إذا كانت مترتّبة زماناً . 4 - إنّ احتمال الخطأ في قضيّة حسّية يقترن عادةً بإحراز وجود المقتضي للإصابة ، وهو سلامة الحواسّ والفطرة ، وينشأ الخطأ من احتمال وجود المانع عن تأثير المقتضي ، وأمّا احتمال الخطأ في قضيّة نظريّة حدسيّة فهو يتضمّن أحياناً احتمال عدم وجود المقتضي للإصابة ; أي احتمال كون عدم الإصابة ناشئاً من القصور لا لعارض ، من قبيل الذهول أو ارتباك البال ، فمثلاً إذا أخطأ إنسان سليم الحواسّ في أمر حسّي ، فإنّ منشأ هذا الخطأ ليس عدم وجود المقتضي للإصابة وإنّما من ناحية وجود المانع ، لأنّه مثلاً في هذا اليوم كان شديد الجوع فكانت حواسّه مشوّشة ، أو لأنّه كان مبتلى بالصداع فلم تكن عينه نافذة ونحو ذلك ، بخلاف الخطأ في أمر نظريّ اجتهاديّ ; لأنّنا نحتمل أن يكون ناشئاً من عدم قدرة هؤلاء الفقهاء الذين فاتتهم تلك النكتة العلميّة الدقيقة