أيضاً كلّما كان مبلغ تبصّر المجمعين وألمعيّتهم وخبرتهم للوصول إلى الواقع أكثر كانت القيمة الاحتمالية لفتاواهم أكبر . 2 - إنّ الخطأ المحتمل في باب الأمور المحسوسة غالباً ما يكون مركزه ومصبّه واحداً ، بخلافه في الأمور الاجتهاديّة والحدسيّة ، فإنّ مراكز الخطأ المحتملة متعدّدة . توضيح ذلك : إنّه في باب الحسيّات حينما يفرض أنّ الثقة الأوّل رأى شخصاً فاعتقد أنّه زيد فأخبر أنّ زيداً في الدار ، والثاني أيضاً رأى شخصاً وتخيّل أنّه زيد فأخبر أنّ زيداً في الدار وهكذا الثالث والرابع إلى العاشر مثلاً ، فحينئذ إذا فرض أنّهم كانوا مخطئين جميعاً فهذا معناه أنّ اشتباههم وخطأهم كان في مركز واحد ، لا أنّ كلّ واحد منهم اشتبه في أمر غير الآخر ، وأمّا في الأمور الاجتهادية والنظرية فالمركز والمصبّ يكون متعدّداً ، فحينما يفتي فقهاء عديدون بوجوب غَسل الشعر في غُسل الجنابة ويكونون على خطأ مثلاً ، فقد يكون خطأ أحدهم ناشئاً من اعتماده على رواية غير تامّة السند ، وخطأ الآخر ناشئاً من اعتماده على رواية غير تامّة الدلالة ، وخطأ الثالث ناشئاً من اعتماده على أصالة الاحتياط وهكذا . ومن الواضح أنّ احتمال خطأ جميع العشرة في إخبارهم عن مصبّ واحد ، أبعد من احتمال خطأ عشرة في إخباراتهم غير المنصبّة على مصبّ واحد ، هذه القضيّة وإن كنّا نذكرها هنا كمصادرة معتمدين فيها على الوجدان ، إلاّ أنّها مبرهن عليها في محلّها . من هنا كلّما كان مناشئ الفتوى في المسألة الإجماعيّة وجهاتها أقرب إلى المصبّ الواحد كان أقوى ، كما إذا فرض أنّ كلّ جهات