الكسر الجديد فينقص احتمال الخطأ فيبلغ واحد من مليون ثمّ واحد من مئة مليون ، وهكذا حتّى يزول من عالم النفس لضعفه وضآلته . أمّا في باب الإجماع فعندما نأتي إلى الفقيه الأوّل الذي أفتى بهذه الفتوى ، فإنّ احتمال الخطأ ليس هو 10 % بل 50 % أو أكثر ، وذلك لأنّ احتمال الخطأ في المسائل الاجتهاديّة والحدسيّة التي تحتاج إلى إعمال النظر وتهيئة مقدّمات كثيرة ، أكثر وأقوى من احتمال الخطأ في الحسّيات ، أي أنّ الذهول والاشتباه في أمر غير محسوس أقرب من الذهول والاشتباه في أمر محسوس ، وعلى هذا فاحتمال الخطأ في الإخبار الحدسي الأوّل يعبّر عن 50 % فإذا أضفنا إليه الفقيه الثاني فنضرب 50 % في 50 % ، أي النصف في النصف ، فتكون النتيجة هي واحد من أربعة ، فيكون الضعف هنا أقلّ ; لأنّ الدرجة التي نريد تضعيفها بالتدريج هي ليست ضعيفة من أوّل الأمر ، كما كان الحال في التواتر ، فبهذا الاعتبار يكون حصول اليقين أو الاطمئنان في الإجماع أبطأ بكثير من التواتر . ومن هنا كاشفيّة الإجماع تتأثّر بدرجة اقتراب فتاوى المجمعين إلى الحسّ ، فكلّما كان حجم النظر والاجتهاد فيها أقلّ كانت كاشفيّتها عن الواقع أقوى وآكد ، وبهذا يتميّز الإجماع في المسائل الفقهيّة ذات المبادئ النظريّة والاجتهاديّة عادةً على الإجماع في المسائل الفقهيّة ذات المبادئ غير النظريّة المعقّدة ، وكذلك يختلف الإجماع من عصر إلى عصر ، لأنّه كلّما اقتربنا من عصر الأئمّة عليهم السلام كان حجم الجانب الحسّي أكبر وحجم تأثّر المسألة بالجانب النظري أقلّ ، لذا كانت قيمة فتاوى القدماء أكبر من قيمة فتاوى المتأخّرين ، كما أنّه على هذا الأساس