وقد طُبّقت مقولة المعتزلة على مستوى الفعل التشريعي أيضاً فقالوا إنّ الأوامر والنواهي قائمة على أساس المصالح والمفاسد الواقعيّة . في ضوء ذلك ينبثق السؤال التالي : ما هو الاتّجاه الذي آمنت به مدرسة أهل البيت عليهم السلام في هذا المجال ؟ وهل توجد حقوق متبادلة بين الله سبحانه وبين الناس يحكم بها العقل العملي كما ادّعى المعتزلة ؟ الجواب : بالرغم من أنّ هذا البحث يرجع في أصله المعرفي إلى علم الكلام ، لكن يمكن التعليق على السؤال المذكور بما يتلاءم مع المقام في هذه المسألة . ويكفي في ذلك التطرّق إلى ما قاله أمير المؤمنين عليه السلام في النهج الشريف حول مسألة الحقوق بين الله وبين الناس ، حيث قال : « أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ جَعَلَ الله لِي عَلَيْكُمْ حَقّاً بِوِلاَيَةِ أَمْرِكُمْ ، وَلَكُمْ عَلَيَّ مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذِي لِي عَلَيْكُمْ ، وَالْحَقُّ أَوْسَعُ الأشْيَاءِ فِي التَّوَاصُفِ ، وَأَضْيَقُهَا فِي التَّنَاصُفِ ، لاَ يَجْرِي لأحَد إِلاَّ جَرَى عَلَيْهِ ، وَلاَ يَجْرِي عَلَيْهِ إِلاَّ جَرَى لَهُ . وَلَوْ كَانَ لِأَحَد أَنْ يَجْرِيَ لَهُ وَلاَ يَجْرِيَ عَلَيْهِ ، لَكَانَ ذلِكَ خَالِصاً لِلّهِ سُبْحَانَهُ دُونَ خَلْقِهِ ، لِقُدْرَتِهِ عَلَى عِبَادِهِ ، وَلِعَدْلِهِ فِي كُلِّ مَا جَرَتْ عَلَيْهِ صُرُوفُ قَضَائِهِ ، وَلكِنَّهُ جَعَلَ حَقَّهُ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يُطِيعُوهُ ، وَجَعَلَ جَزَاءَهُمْ عَلَيْهِ مُضَاعَفَةَ الثَّوَابِ تَفَضُّلاً مِنْهُ ، وَتَوَسُّعاً بِمَا هُوَ مِنَ المَزِيدِ مِن أَهْلُهُ » [1] . وعليه فإنّ المنهج المتّبع في كلمات أهل البيت عليهم السلام لا يؤمن بنظريّة أنّ هناك حقّاً للعبد على الله ، ومن هنا ذهب بعض الأعلام إلى