وأمّا حلاًّ : فقد أفاد الأستاذ الشهيد قدّس سرّه : « إنّ ما يقتضيه النظر الدقيق في فهم الآية الكريمة وهي قوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ) [1] ، فلقد قسّمت فيها الآيات القرآنية إلى قسمين محكمات ومتشابهات ثمّ عابت على أهل الزيغ والهوى من اتّباع ما تشابه منه ابتغاء الفتنة والتأويل ، وقد استفيد منه النهي عن اتّباع المتشابه حيث اعتبرت ذلك طريقة أهل الزيغ ، وإلاّ فلا نهي صريح عن اتّباع المتشابه ، ولكن من الواضح أنّ المتفاهم عرفاً من هذا التعبير بعد تلك القسمة الثنائية : أنّ النظر إلى الذين يختصّون باتّباع المتشابهات ويلتقطونها ويفصلونها عن المحكمات ابتغاء الفتنة والمشاغبة وتشويش الأذهان من خلال ذلك التشابه كما هو شأن من يريدون الفتنة والمشاغبة . فظاهر الآية على هذا النهي عن مثل هذه الفتنة التي تكون بالاقتصار على المتشابهات والتركيز عليها من دون الرجوع إلى المحكمات التي هنّ أُمّ الكتاب . وقد ورد في تفسير الآية أنّها نزلت في نصارى آل نجران الذين كانوا يشنّعون على المسلمين ببعض الشبهات الواردة في حقّ عيسى عليه السلام وأنّ له حالة فوق البشر وأنّه روح منه سبحانه ؛ بغرض الفتنة والوصول إلى ما يزعمونه إفكاً وكفراً ، وأين هذا من حجّية الظواهر