لإرادة كلّ منهما وإن كان أحدهما أقرب وأشدّ علقة باللفظ من الآخر » [1] . ومن الواضح أنّ الآية كانت بصدد ذمّ مَنْ يتّبع المتشابه إذ قالت : ( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ) [2] والذي يستفاد منه النهي عن الاتّباع ، وهو من الأحكام الوضعية الذي يرجع إلى عدم الحجّية ، فتكون الآية ناهية عن العمل بالظاهر لدخوله في مفهوم المتشابه . والتعليق على هذا الوجه بعدّة ملاحظات : أوّلاً : أنّ الإحكام والتشابه - حسب التحقيق - ليسا وصفين للّفظ لكي يُقال بشمولهما لظهور الآيات ، بل هما وصفان للمعنى . أي أنّ المعنى بلحاظ انطباقه على مصاديقه في الخارج يكون إمّا محكماً أو متشابهاً . ثانياً : أنّ شمول لفظ المتشابه للظهور هو بنحو الظهور لا النصّ ، ومع التنزّل وقبول أنّ مورد الآية ليس من موارد حجّية الظهور لكي يقال بلزوم عدم الحجّية عند ثبوت الحجّية ، فإنّ البيان المذكور غير تامّ نقضاً وحلاًّ . أمّا نقضاً : فإنّ المحكم والمتشابه موجود في كلمات أهل البيت عليهم السلام أيضاً ، وبناءً على الوجه المذكور يلزم سقوط جميع رواياتهم عن الحجّية وبطلانه واضح . كما ورد في عيون أخبار الرضا عليه السلام : « إنّ في أخبارنا متشابهاً كمتشابه القرآن ، ومحكماً كمحكم القرآن ، فردّوا متشابهها إلى محكمها ، ولا تتّبعوا متشابهها دون محكمها فتضلّوا » [3] .
[1] بحوث في علم الأصول ، مصدر سابق : ج 4 ص 276 . [2] آل عمران : 7 . [3] عيون أخبار الرضا عليه السلام ، الشيخ المحدّث محمّد بن علي بن بابويه القمّي الملقّب بالصدوق ( ت 381 ه - ) ، صحّحه وعلّق عليه الشيخ حسين الأعلمي ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت ، ط 1 ، 1404 ه : ج 2 ص 261 .