خروجه من حالة الصمت إلى حالة التكلّم ظاهر في ذلك ، ولذلك كانت نكتة هذا الأصل العقلائي الظهور الحالي السياقي ونسبته إلى المخاطب وغيره على حدٍّ سواء كما هو واضح . المنشأ الثاني : أن يكون مريداً خلاف الظاهر ونصب قرينة منفصلة عليه . وهذا الاحتمال أيضاً منسدّ بالنسبة إلى المقصود بالإفهام بشخص ذلك الكلام لأنّه خلف كونه كذلك ، ولكنّه منفيّ في حقّ غيره أيضاً بظهور حاليّ سياقيّ للمتكلّم في أنّه في مقام بيان تمام مرامه بشخص كلامه ، لا بمجموع كلمات منقطعة منفصلة إلى آخر عمره . وهذا هو الظهور الذي يجعل الاعتماد على القرائن المنفصلة أمراً على خلاف الطبع العقلائي ، وهذا أيضاً لا يختلف الحال فيه بين المخاطب وغيره » [1] . لكن الأصل المذكور في هذا الاحتمال إنّما يجري في مولى لم تثبت عادته في الاعتماد على القرائن المنفصلة ، في حين إنّ المشرّع الذي نحن بصدد فهم كلامه والوصول إلى مرامه اعتمد على القرائن المنفصلة لمدّة قرنين ونصف من الزمن تقريباً كما ذكرنا سابقاً . في ضوء ذلك حاول غير واحد من الأعلام معالجة هذه المشكلة ببيان آخر ، حاصله : أنّ احتمال القرائن المنفصلة غير منفيّ بالنسبة إلى من لم يقصد إفهامه ، لكن ذلك لا يحول دون انعقاد الظهور . نعم ، لا يكون الظهور المنعقد حجّة إلاّ بعد الفحص عن القرينة المنفصلة . المنشأ الثالث : أن يكون قد أراد خلاف الظاهر ونصب عليه قرينة متّصلة غفل عنها . وهذا الاحتمال وارد حتّى بالنسبة إلى من قصد إفهامه ، والنافي له هو أصالة عدم الغفلة لكلّ من كان في محضر الإحساس