حجّية الظهورات الدقّية أوّل الكلام كما هو واضح . الوجه الثاني : إنّ هذا المقدار لا يكفي في الردع عن السيرة بعد فرض انعقادها وعموم نكتتها ، فقد ذكرنا سابقاً أنّه لا بدّ في مقام الردع عن سيرة أو تعديلها أن يكون الردع واضحاً صريحاً في إرادة ذلك . فمجرّد التشابه بين بعض الظهورات والقياس أو إعمال الرأي المردوع عنه ، لا يشكّل ردعاً ؛ فعدم الردع المناسب ثابت . الوجه الثالث : وهو مستند إلى القاعدة التي نقّحها المحقّق الخراساني في مسألة حجّية خبر الواحد للتخلّص من إشكالية الدور التي ذكرت في الاستدلال على حجّية الخبر من خلال الأخبار نفسها ، إذ لا بدّ أن تكون السنّة التي يُراد إثبات الحجّية من خلالها متواترة قطعية ، وإلاّ لزم الدور . في هذا المجال اقترح الخراساني قدّس سرّه ثبوت حجّية خبر الواحد بالتواتر الإجمالي لأحد الأخبار الواجدة لأخصّ صفات الاعتبار كالعدالة مثلاً ، ثمّ الاطمئنان بصدوره والوثوق بصدق مضمونه ، ومن خلال هذا الخبر بعينه نثبت حينئذ حجّية سائر أخبار الثقات التي لا تكون من الصحيح الأعلائي ، بالتمسّك بإطلاق رواية تدلّ على الحجّية وتكون من حيث السند صحيحة واجدة للشروط الأعلائية . هذا المنهج نفسه يمكن تطبيقه في المقام . فلو حصلنا على ظهور عرفيّ في كلام المعصوم يدلّ على الحجّية للظهور العرفي لا الدقّي التحليلي لتمكّنا من توسيع دائرة مضمون هذا الظهور لتشمل الظهور التحليلي . وفي هذا المجال يمكن تطبيق ذلك على الروايات التي أمرت بالرجوع إلى الكتاب والسنّة ، كقول الإمام الصادق عليه السلام : « كلّ شيء مردود إلى الكتاب والسنّة ، وكلّ حديث لا يوافق كتاب الله فهو