الإكرام الثاني مقدّمة لتحقّق الأوّل ، وإلاّ لما تحقّق إكرام العالم ، وعليه يترشّح حبّ وشوق غيريّ لإكرام الجاهل ، ويتحقّق بذلك غرض غيريّ في الواقع أيضاً . وبذلك يتضحّ أن توسعة دائرة المحرّكية تستلزم بالضرورة توسعة دائرة الغرض الواقعي . والجواب : لا شكّ أنّ إكرام الجاهل - في الفرض المذكور - يكون مقدّمة لإكرام العالم ، لكنّ المقدّمات على قسمين : أحدهما : المقدّمات الوجودية ، والآخر : المقدّمات العلمية ، وترشّح الحبّ والشوق مختصّ بالمقدّمات الوجودية لا العلمية ، ولا شكّ أنّ إكرام الجاهل مقدّمة علمية ؛ إذ مع تحديد العالم وعدم التردّد فيه ، يمكن إكرامه من غير حاجة إلى إكرام الجاهل ، كما لا يخفى . الملاحظة الثانية : إنّ الأحكام الظاهرية تقع موضوعاً لحكم العقل بوجوب الامتثال ، وبالتالي لا بدّ لها من مبادئ ، أي أنّ توسعة دائرة المحرّكية تستلزم توسعة دائرة الأغراض والمبادئ الواقعية ، وإلاّ كان الحكم الظاهري بلا مبادئ ، وبذلك يخرج عن موضوع حكم العقل بوجوب الامتثال . والجواب : إنّ قياس دائرة المحرّكية على دائرة الأغراض الواقعية قياسٌ مع الفارق ، ومن ثمّ لا يلزم من توسيع إحداهما التوسيع في الأخرى بالضرورة ؛ وذلك ببيان : أنّ دائرة الأغراض الواقعية أمور تكوينية قهرية خارجة عن اختيار الإنسان ، ويكون دور العقل فيها الكشف لا الجعل . فمن رأى شيئاً جميلاً سوف ينجذب إليه بلا اختيار ، ومن وقف أمام شيء وكانت باصرته