وليست هي الولاية العامّة الموجودة لجميع الخلائق والتي ينصّ عليها قوله تعالى : ( مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) [1] . وهذا من قبيل ما ذكرناه في معنى « المعيّة » التي وردت في القرآن ، فإنّها تنقسم إلى : معيّة عامّة ، ومعيّة خاصّة ، والأولى من قبيل ( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا ) [2] وهي المعية القيومية الثابتة للّه سبحانه في كل شيء ، والثانية من قبيل ( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) [3] ، و ( ا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) [4] فهذه معيّة خاصّة غير الأولى ، ولها آثار خاصّة تنسجم مع المقام الذي تقتضيه هذه المعيّة . وخلاصة ما تقدّم أنّ الإنسان خلق لغاية وهدف ، وهو الوصول إلى القرب الإلهي ، وهذا الهدف لا يتحقّق إلاّ بالدخول تحت الولاية الإلهية . 2 . ما هي الوسيلة التي تقود الإنسان إلى مقام الولاية الإلهية ؟ في مقام الجواب عن هذا التساؤل الأساسي اتّفقت كلمة المحقّقين أنّ الطريق الوحيد الذي يصل بالإنسان إلى ذلك المقام السامي هو العبودية والانقياد التامّ للمولى الحقيقي والتسليم المحض لتكاليفه ، كما قال سبحانه حكاية عن إبراهيم عليه السلام : ( إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) [5] . وكذلك قوله : ( رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ