الإنساني ؛ قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ) [1] . والمراد بالقرب هنا القرب الوجودي المعنوي ، أو هو التخلّق بأخلاق الله علماً وعملاً . في ضوء هذه الحقيقة القرآنية ينبثق السؤال الآتي : ما هو الطريق الذي يحقّق كمال الإنسان النهائي في الوصول إلى القرب الإلهي ؟ يقرّر القرآن الكريم في غير آية من آياته المباركة أنّ الطريق الوحيد للوصول إلى ذلك الهدف الأسمى ليس هو إلاّ الدخول في حصن الولاية الإلهية الحقيقية ؛ قال سبحانه : ( اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ) [2] . ونقصد بالولاية هنا الولاية الخاصّة [3] التي ينصّ عليها أمثال قوله تعالى : ( وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ) [4] ، وقوله تعالى : ( وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ) [5] .
[1] الانشقاق : 6 . يراجع هذا البحث في عصمة الأنبياء في القرآن محاضرات السيّد كمال الحيدري ، بقلم محمود نعمة الجياشي ، دار فراقد ، الطبعة الثالثة ، 2005 م : ص 24 وما بعدها . [2] البقرة : 257 . [3] لتقريب معنى دخول الإنسان في حصن الولاية الإلهية وكونه في إطار العبودية الحقيقية ذكر سيّدنا الأستاذ - حفظه الله - أن يكون العبد بمنزلة جارحة من جوارح المولى ، إذ الجوارح لا إرادة مستقلّة لها في قبال إرادة النفس ، فيجب على العبد أن يمثّل هذا المستوى من الانقياد والطاعة لمولاه الحقيقي ، وهذا المستوى من القرب هو الذي يطلق عليه أهل المعرفة « مقام قرب الفرائض » المأخوذ في الحديث القدسيّ الذي يقول « ما زال يتقرّب إليّ عبدي بالفرائض ، فإذا أحببته كان سمعي الذي أسمع به وبصري الذي أبصر به ويدي التي أبطش بها . . . » . [4] آل عمران : 68 . [5] الجاثية : 19 .