وعليه فالملازمة العقليّة غير موجودة في التواتر ، أي أنّ حصول التواتر لا يلزم منه عقلاً الجزم واليقين بمطابقة الواقع بحيث يستحيل الانفكاك . وبالتالي كيف يمكن أن ندّعي حصول ذلك في الإجماع ؟ فروق بين الاجماع والتواتر هذا ، مضافاً إلى أنّ هناك فروقاً بين الإجماع وبين التواتر تجعل نموّ الاحتمال الموافق وتضاؤل احتمال المخالفة أسرع حركة في التواتر منه في الإجماع ، وأهمّ هذه الفروق : « 1 - إنّ الشهادات الحسّية هي التي تكوّن مفردات التواتر ، بخلاف الإجماع فإنّ الشهادات الحدسيّة هي وراء مفرداته ، لأنّها عبارة عن فتاوى وهي مبنيّة على النظر والاجتهاد ، ومن الواضح أنّ احتمال الخطأ في الحدس أكبر منه في الحسّ ، لأنّ نسبة الخطأ في الحدسيّات أكثر بكثير من نسبته في الحسّيات ، فيكون مبدأ حسابات الاحتمال التي بها نتوصّل إلى اليقين أو الاطمئنان في باب الإجماع قيمة احتماليّة أضعف منه في التواتر . فمثلاً : في باب التواتر حينما يأتي ثقة ويخبر عن رؤيته لزيد في مكان ما ، فهنا وإن كان يوجد احتمال خطأ هذا الثقة ، إلاّ أنّ قيمة هذا الخطأ ليست هي 50 % بل لعلّه لا يتجاوز 10 % ، ويعود السبب في ذلك إلى أنّ قيمة عدم الخطأ في الحسّيات أقوى من احتمال الخطأ فيها ، إذن في الإخبارات الحسّية يكون احتمال الخطأ من أوّل الأمر ضعيفاً ، وعندما يأتي الثقة الثاني ويخبر أنّه رأى زيداً في المكان نفسه ، فهنا أيضاً احتمال الخطأ في الثاني 10 % فيضرب العُشر في العُشر والنتيجة هي واحد في المئة ، فإذا جاء الثالث وأخبر بنفس خبر الأوّلين فنضرب هذه النتيجة في