الأساس الفلسفي لتعدّد القراءات بناءً على أنّ الظهور الموضوعي هو الكاشف عن الواقع ، فلا بدّ أن نسلّم أيضاً بتعدّد هذا الظهور واختلافه ، وهذا لا يرجع إلى تعدّد الظهور الشخصي والذاتي بل إلى الظهور الموضوعي نفسه ؛ لأنّ الواقع المنكشف بهذا الظهور ذو درجات ومراتب مختلفة ، فالكاشف عنه يكون ذا درجات ومراتب ، وكلّها موضوعيّة لأنّ كلّ واحد منها يمثِّل كشفاً عن مرتبة خاصّة من الواقع . وقد ثبت في محلّه من الفلسفة أنّ الواقع ذو درجات مختلفة متعدّدة . وعليه فالذي يصل من خلال ظهور موضوعيّ إلى كشف إحدى درجات الواقع ، لا يحقّ له من الناحية العلمية والمنهجية المنطقية أن يخطّئ الآخرين الذين لم يصلوا إلى تلك الدرجة المنكشفة له ؛ خصوصاً لو أخذنا بنظر الاعتبار الروايات التي أكّدت أنّ الإيمان ذو درجات ، فلا يقول صاحب الاثنين لصاحب الواحدة لست على شيء [1] . وكذلك ما ورد في أنّ خادماً لأبي عبد الله عليه السلام ، قال : بعثني أبو عبد الله عليه السلام في حاجة وهو بالحيرة أنا وجماعة من مواليه ، قال : فانطلقنا منها ثمّ رجعنا مغتمّين . . . وكان فراشي في الحائر الذي كنّا فيه نزولاً ، فجئت وأنا بحال ، فرميت بنفسي ، فبينا أنا كذلك ، إذا أنا بأبي عبد الله عليه السلام قد أقبل فقال : « قد أتيناك » فاستويت جالساً وجلس على صدر فراشي ، فسألني عمّا بعثني له ، فأخبرته ، فحمد الله ثمّ جرى ذكر قوم فقلت : جُعلت فداك إنّا نبرأ منهم ، إنّهم لا يقولون ما نقول . قال : فقال : « يتولّونا ولا يقولون ما تقولون تبرؤون منهم ؟ » قال : قلت : نعم . قال :
[1] ينظر الكافي ، مصدر سابق : باب درجات الإيمان ، ج 2 ص 44 .