في النصّ الديني ، إذ إنّ الواقع لم يقف عليه شخص لكي نقول بأنّ القراءة الصحيحة هي خصوص المطابقة للواقع ، إنّما القراءة الموضوعية هي تلك التي تستند إلى سياق معرفيّ مبرهن أو منهج استدلاليّ أُقيم الدليل على صحّته . بعبارة أخرى : إنّ المدار في الكاشف لا المكشوف . وفي هذا المجال ذهب العلاّمة الطباطبائي إلى أنّ القراءة والاستظهار من النصّ الديني لو لم يكن مستنداً إلى منهج صحيح لكان من مقولة « التفسير بالرأي » التي نهى عنها النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله . قال قدّس سرّه : « التفسير بالرأي المنهيّ عنه أمر راجع إلى طريق الكشف دون المكشوف ، وبعبارة أخرى إنّما نهى عليه السلام عن تفهّم كلامه على نحو ما يتفهّم به كلام غيره ، وإن كان هذا النحو من التفهّم ربما صادف الواقع ، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وآله في رواية أخرى : مَن تكلّم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ ، فإنّ الحكم بالخطأ مع فرض الإصابة ليس إلاّ لكون الخطأ في الطريق ، وكذا قوله عليه السلام في حديث العياشي : إن أصاب لم يُؤجر » [1] . بناءً على ذلك فإنّ المناهج المعرفية كالمنهج الفلسفي والتجريبيٍ والعرفاني والأخباري والأصولي والكلامي سوف تختلف روحاً ونتيجة ، وهي جميعاً قراءات متعدّدة للواقع ، ثمّ إنّها ليست صحيحة فحسب بل وجودها ضروريّ في الفكر البشري لأنّها أفهام وطرق للكشف عن الواقع ، وبذلك يتّضح أنّ الملاك في معرفة الظهور الموضوعي وتمييزه عن الظهور الذاتي هو وجود المنهج المعرفي الصحيح .
[1] الميزان في تفسير القرآن ، مصدر سابق : ج 3 ص 88 - 89 .