ثمّ إنّ الطريق الذي يبيّنه الله سبحانه وتعالى من خلال القرآن لا بدّ أن يكون في معرض الوصول للانسان وإلاّ لزم نقض الغرض أيضاً ؛ ضرورة أنّ الحقّ تعالى يعلم بحاجة الإنسان إلى الوحي والكتاب الكريم . وممّا يشهد على ذلك ويؤيّده قوله تعالى : ( وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) [1] ، وقوله تعالى : ( رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) [2] وحجّة الرسل هي وصول الكتاب سالماً إلى الناس . فإن قيل : بالإمكان القول إنّ الله سبحانه وتعالى لم يتكفّل بيان تمام الصراط المستقيم من خلال القرآن ، بل القرآن أثبت النبوّة وصدَّقها ، أمّا الصراط فهو ممّا يبيّنه النبيّ صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام . والجواب : أنّ أهل البيت أنفسهم التجأوا إلى القرآن لحفظ كلامهم واتّخذوه مقياساً لصحّة كلامهم ، كما تقدّم في روايات العرض على الكتاب ، هذا مضافاً إلى أنّ أحاديث أهل البيت مبتلاة بجملة من العوامل كالدسّ والتزوير وغيرها ممّا تقدّمت الإشارة إليه . ثمرتان مهمّتان وفي هذا الدليل نتيجتان أساسيّتان : إحداهما : أنّه يثبت عدم التحريف بالمعنى المسقط لغرض القرآن الكريم وهو الهداية العامّة للبشرية . ثانيتهما : أنّ الدليل المذكور يثبت أنّ القرآن بنفسه قادر على جعل