وحيث إنّ حجّية الظهور قائمة على أساس السيرة العقلائيّة فلا بدّ من الوقوف على الموانع ونقاط الضعف التي قد يُدّعى وجودها عند الاستدلال بهذه السيرة ، فنقول : دفاع عن الاستدلال بالسيرة العقلائية تارةً يقتنص مراد المتكلِّم من ظهور كلامه ، وأخرى يكون من ظهور فعله ، لكن دلالة الفعل لها نحوان ، أحدهما : دلالة تكوينيّة وذلك كذهاب الإنسان إلى الجهاد والتضحية في سبيل الله ، فإنّ هذا الإنسان يقوم بأفعال لا تصدر من شخص لا يؤمن بالله وبتعاليم الدِّين ، والجهاد فعل لا يصدر إلاّ من إنسان له هذه الخصوصيّة وهذا ظهور فعليّ ( عمليّ ) قائم على أساس دلالة تكوينيّة . والآخر : دلالة وضعيّة غير لفظيّة ، كما هو في جملة من الظواهر المتعارفة عند العقلاء للدلالة على شيء ، كرفع اليد أو غطاء الرأس للسلام مثلاً ، وهذا الفعل قد تكون له دلالة في مجتمع ما لكن ليس له هذه الدلالة في مجتمع آخر ، إلاّ أنّ دلالة بالفعل بالرغم من وجودها عند العقلاء لا نكاد نعثر على مثلها بين المتشرّعة في الشبهات الحكمية مثلاً ، فتحقّق السيرة العقلائية على حجّية الظواهر لا يستلزم تحقّقها عند المتشرّعة بالضرورة ، وهذا من موارد الانفكاك بين السيرتين . في ضوء ذلك يحاول البعض إبراز مجموعة من نقاط الضعف على الاستدلال بالسيرة العقلائية على حجّية الظواهر ، فإنّ هناك مجموعة من الظواهر التي يستدلّ بها على الحكم الشرعي لكنّها لا تستند في حجّيتها إلى السيرة العقلائية . وفي هذا المجال تُذكر حالتان : الحالة الأولى : إنّه يمكن القول بعدم انعقاد السيرة العقلائية على حجّية بعض الظواهر أصلاً ، وبذلك لا معنى للبحث عن إمضاء الشارع وعدمه ،