تشريع الحكم الظاهري المخالف للواقع المطلق نقضاً للغرض على مستوى الجعل . ويمكن الجواب عن ذلك بأنّ الالتزام بالمصلحة السلوكية والسير على مقتضى سلوك الأمارة لا يجزي مطلقاً ، بل ذكرنا أنّ هناك تبعيضاً في الإجزاء ، أي أنّ سلوك طريق الأمارة يستوفي مصلحة الواقع في حالة عدم انكشافه ، وإلاّ يختصّ الإجزاء بمقدار عدم انكشاف الواقع . هذا مع فرض وجود الحكم الواقعي حالة الشك وإلاّ فلا معنى لإنكشاف خطأ الأمارة حينئذ . وعليه لا إشكال أنّ المولى جعل الحكم الواقعي مطلقاً مع علمه بعدم وصوله إلى بعض المكلّفين ، وجعل حكماً ظاهرياً على خلافه ، لكن الإطلاق المذكور إنّما يفيد في فرض انكشاف خطأ الأمارة لبقاء الحكم الواقعي في هذه الحالة شاملاً للعالم والجاهل على حدّ سواء . ومع التنزّل عن المحذور الثبوتي في المصلحة السلوكية فلا مناص من المحذور الإثباتي المتمثّل في أنّ أدلّة الحجّية إنّما أثبتت حجّية الأمارة بما هي طريق للواقع ، لا بما هي سبب للمصلحة ومنشأ لها [1] . 5 . طريقيّة الأحكام الظاهرية هذا الاتجاه ذكره المحقّق العراقي وهو من أهمّ الوجوه التي ذكرت لدفع المحذور الملاكي والخطابي معاً . فهو يستند في أساسه على أنّ الأحكام الظاهرية أحكام طريقية لا سببية ، والطريقية هنا ليست بالمعنى الذي يذهب إليه المحقّق النائيني قدّس سرّه بل المقصود هنا الطريقية
[1] ينظر الأصول العامّة للفقه المقارن ، مصدر سابق : ص 624 .