إنّما يكون بعد تعقّل الحكم الظاهري وإمكانه » [1] . وبذلك يظهر عدم تمامية الاتّجاه الرابع بكلا تفسيريه ، مضافاً إلى بقاء الإشكال على مستوى الملاك ومبادئ الحكم . 5 . لا تنافي بين الأحكام من حيث أنفسها هذا الاتّجاه ذهب إليه المحقّق الأصفهاني ؛ وحاصله : إنّ الأحكام لا تنافي بينها من حيث أنفسها وبما هي إنشاءات ، وإنّما التنافي يرجع إلى روح الأحكام والملاكات والمبادئ التي تنشأ منها ، من المصلحة والمفسدة والإرادة والكراهة والحبّ والشوق . استناداً لذلك لا بدّ أن نعرف حقيقة الأحكام التكليفية الصادرة من الله سبحانه وتعالى ، فإن كانت هذه الأحكام تحقّق شوقاً وحبّاً وإرادة في نفس المولى فسوف يقع التضادّ في ما بينها ؛ إذ لو كانت صلاة الجمعة مثلاً واجبة واقعاً فهذا يعني وجود حبّ وشوق وإرادة في نفسه لها ، ومع فرض عدم وجوبها بالحكم الظاهري أو حرمتها ، سوف يتحقق في نفسه المبغوضية والكراهة لها ، فيلزم التضادّ في نفس المولى كما لا يخفى . لكنّ ذلك غير معقول في حقّ المولى الحقيقي سبحانه وتعالى ، فإنّ تحقّق الحبّ والشوق إنّما يتصوّر في حقّ المولى الذي يأمر وينهى ويبعث ويزجر لأجل مصلحة تعود عليه وكمال هو يطلبه ، كالمولى العطشان الذي يأمر عبده بجلب الماء فإنّ شوقه لشرب الماء وحبّه له هو الذي يبعثه نحو تكليف العبد بذلك ، والحال أنّ الله سبحانه وتعالى غنيّ عن العالمين ، بل جميع التكاليف الصادرة منه عزّ وجلّ تعود مصلحتها إلى