الاستصحاب - كما سيأتي - فموردها يكون حينئذ خصوص الشبهة الموضوعية ، فيقال حينئذ : لا يستكشف من إطلاق الجواب عموم القاعدة للشبهة الحكمية الذي يهمنا بالدرجة الأولى إثباته ، إذ يكون المورد من قبيل القدر المتيقن في مقام التخاطب ، وقد تقدم في الجزء الأول ( 1 ) أن ذلك يمنع من التمسك بالإطلاق وإن لم يكن صالحا للقرينية ، لما هو المعروف أن المورد لا يخصص العام ولا يقيد المطلق . نعم ، قد يقال في الجواب : إن كلمة " أبدا " لها من قوة الدلالة على العموم والإطلاق مالا يحد منها القدر المتيقن في مقام التخاطب ، فهي تعطي في ظهورها القوي أن كل يقين مهما كان متعلقه وفي أي مورد كان لا ينقض بالشك أبدا . الثاني في دلالتها على الاستصحاب : وتقريب الاستدلال بها : أن قوله ( عليه السلام ) : " فإنه على يقين من وضوئه " جملة خبرية هي جواب الشرط ( 2 ) ومعنى هذه الجملة الشرطية : أنه إن لم يستيقن بأنه قد نام فإنه باق على يقين من وضوئه ، أي أنه لم يحصل
( 1 ) راجع ص 240 . بنى الشيخ الأنصاري - ومن حذا حذوه - الاستدلال بهذه الصحيحة على أن جواب الشرط محذوف وأن قوله : " فإنه على يقين من وضوئه " علة للجواب قامت مقامه . وقال : " وجعله نفس الجزاء يحتاج إلى تكلف " . فيكون معنى الرواية على قوله : " إن لم يستيقن أنه قد نام فلا يجب عليه الوضوء ، لأ أنه على يقين من وضوئه في السابق " فحذف " فلا يجب عليه الوضوء " وأقام العلة مقامه . وهذا الوجه الذي ذكره وإن كان وجيها ، ولكن الحذف خلاف الأصل ولا موجب له ، ولا تكلف في جعل الموجود نفس الجزاء على ما بيناه في المتن . ولا يتوقف الاستدلال بالصحيحة على هذا الوجه ولا على ذلك الوجه ولا على أي وجه آخر ذكروه . فإن المقصود منها في بيان قاعدة الاستصحاب مفهوم واضح يحصل في جميع هذه الوجوه .