أقول : وهذا حكم العقل لا ينهض دليلا على الاستصحاب على ما سنشرحه . والظاهر أن القدماء القائلين بحجيته لم يكن عندهم دليل عليه غير هذا الدليل ، كما يظهر جليا من تعريف العضدي - المتقدم - إذ أخذ فيه نفس حكم العقل هذا . ولعله لأجل هذا أنكره من أنكره من قدماء أصحابنا ، إذ لم يتنبهوا إلى أدلته الأخرى على ما يظهر ، فإنه أول من تمسك ببناء العقلاء العلامة الحلي في النهاية ( 1 ) وأول من تمسك بالأخبار الشيخ عبد الصمد والد الشيخ البهائي ( 2 ) وتبعه صاحب الذخيرة ( 3 ) وشارح الدروس ( 4 ) وشاع بين من تأخر عنهم . كما حقق ذلك الشيخ الأنصاري في رسائله في الأمر الأول من مقدمات الاستصحاب . ثم قال : نعم ربما يظهر من الحلي في السرائر الاعتماد على هذه الأخبار ، حيث عبر عن استصحاب نجاسة الماء المتغير بعد زوال تغيره من قبل نفسه بنقض اليقين باليقين ( 5 ) . وهذه العبارة ظاهرة أنها مأخوذة من الأخبار . وعلى كل حال ، فهذا الدليل العقلي فيه مجال للمناقشة من وجهين : الأول : في أصل الملازمة العقلية المدعاة . ويكفي في تكذيبها الوجدان ، فإنا نجد أن كثيرا ما يحصل العلم بالحالة السابقة ولا يحصل الظن ببقائها عند الشك لمجرد ثبوتها سابقا . الثاني : - على تقدير تسليم هذه الملازمة - فإن أقصى ما يثبت بها حصول الظن بالبقاء ، وهذا الظن لا يثبت به حكم الشرع إلا بضميمة دليل آخر يدل على حجية هذا الظن بالخصوص ليستثنى مما دل على حرمة