أدلة الاستصحاب : الدليل الأول - بناء العقلاء : لا شك في أن العقلاء من الناس - على اختلاف مشاربهم وأذواقهم - جرت سيرتهم في عملهم وتبانوا في سلوكهم العملي على الأخذ بالمتيقن السابق عند الشك اللاحق في بقائه . وعلى ذلك قامت معايش العباد ، ولولا ذلك لاختل النظام الاجتماعي ولما قامت لهم سوق وتجارة . وقيل : إن ذلك مرتكز حتى في نفوس الحيوانات ، فالطيور ترجع إلى أوكارها والماشية تعود إلى مرابضها ( 1 ) . ولكن هذا التعميم للحيوانات محل نظر ، بل ينبغي أن يعد من المهازل ، لعدم حصول الاحتمال عندها حتى يكون ذلك منها استصحابا ، بل تجري في ذلك على وفق عادتها بنحو لا شعوري . وعلى كل حال ، فإن بناء العقلاء في عملهم مستقر على الأخذ بالحالة السابقة عند الشك في بقائها في جميع أحوالهم وشؤونهم ، مع الالتفات إلى ذلك والتوجه إليه .