وإلى تعريف القاعدة نظر من عرف الاستصحاب بأنه " إبقاء ما كان " فإن القاعدة في الحقيقة معناها إبقاؤه حكما . وكذلك من عرفه بأنه " الحكم ببقاء ما كان " ولذا قال الشيخ الأنصاري عن ذلك التعريف : " والمراد بالإبقاء : الحكم بالبقاء " بعد أن قال : إنه أسد التعاريف وأخصرها ( 1 ) . ولقد أحسن وأجاد في تفسير " الإبقاء " بالحكم بالبقاء ، ليدلنا على أن المراد من " الإبقاء " الإبقاء حكما الذي هو القاعدة ، لا الإبقاء عملا الذي هو فعل العامل بها . وقد اعترض على هذا التعريف الذي استحسنه الشيخ بعدة أمور نذكر أهمها ونجيب عنها : منها : لا جامع للاستصحاب بحسب المشارب فيه من جهة المباني الثلاثة الآتية في حجيته ، وهي : الأخبار ، وبناء العقلاء ، وحكم العقل . فلا يصح أن يعبر عنه بالإبقاء على جميع هذه المباني . وذلك لأن المراد منه إن كان " الإبقاء العملي من المكلف " فليس بهذا المعنى موردا لحكم العقل ، لأن المراد من حكم العقل هنا إذعانه - كما سيأتي - وإذعانه إنما هو ببقاء الحكم لا بإبقائه العملي من المكلف . وإن كان المراد منه " الإبقاء غير المنسوب إلى المكلف " فمن الواضح أنه لا جهة جامعة بين الإلزام الشرعي الذي هو متعلق بالإبقاء وبين البناء العقلائي والإدراك العقلي . والجواب يظهر مما سبق ، فإن المراد من " الاستصحاب " هو القاعدة في العمل المجعولة من قبل الشارع ، وهي قاعدة واحدة في معناها على