بالمتيقن السابق عند الشك اللاحق في بقائه ، على اختلاف أقوالهم في شروط جريان هذه القاعدة وحدودها ، على ما سيأتي . وسموا هذه القاعدة ب " الاستصحاب " . وكلمة " الاستصحاب " مأخوذة في أصل اشتقاقها من كلمة " الصحبة " من باب الاستفعال ، فتقول : " استصحبت هذا الشخص " أي اتخذته صاحبا مرافقا لك . وتقول : " استصحبت هذا الشئ " أي حملته معك . وإنما صح إطلاق هذه الكلمة على هذه القاعدة في اصطلاح الأصوليين ، فباعتبار أن العامل بها يتخذ ما تيقن به سابقا صحيبا له إلى الزمان اللاحق في مقام العمل . وعليه ، فكما يصح أن تطلق كلمة " الاستصحاب " على نفس الإبقاء العملي من الشخص المكلف العامل ، كذلك يصح إطلاقها على نفس القاعدة لهذا الإبقاء العملي ، لأن القاعدة في الحقيقة إبقاء واستصحاب من الشارع حكما . إذا عرفت ذلك ، فينبغي أن يجعل التعريف لهذه القاعدة المجعولة ، لا لنفس الإبقاء العملي من المكلف العامل بالقاعدة ، لأن المكلف يقال له : عامل بالاستصحاب ومجر له ، وإن صح أن يقال له : إنه استصحب ، كما يقال له : أجرى الاستصحاب . وعلى كل ، فموضوع البحث هنا هو هذه القاعدة العامة . والمقصود بالبحث إثباتها وإقامة الدليل عليها وبيان مدى حدود العمل بها ، فلاوجه لجعل التعريف لذات الإبقاء العملي الذي هو فعل العامل بالقاعدة ، كما صنع بعضهم ( 1 ) فوقع في حيرة من توجيه التعريفات .